Sosyal Medya

السياسة

لماذا يريدون القضاء على غزة؟

طوال أكثر من مائة عام والفلسطينيون يتعرضون لانتكاسات هائلة في سرقة أراضيهم، وقتلهم على الهُوية، وانتهاك مقدّساتهم وعلى رأسها المسجد الأقصى، ولهذا السبب أدرك الفلسطينيون أن المقاومة والجهاد هما الحل لاستعادة وطنهم المحتل

محمد عبد الحميد

منذ عام 1917 وفلسطين وأهلها بمثابة الأسرى في يد القوى العالمية بداية من الإنجليز وانتهاء بالأمريكان، في ذلك العام دخل الجنرال اللنبي إلى القدس، وأعلن وزير الخارجية البريطاني بلفور عن وعده الشهير لليهود بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين.

طوال أكثر من مائة عام والفلسطينيون يتعرضون لانتكاسات هائلة في سرقة أراضيهم، وقتلهم على الهُوية، وانتهاك مقدّساتهم وعلى رأسها المسجد الأقصى، ولهذا السبب أدرك الفلسطينيون أن المقاومة والجهاد هما الحل لاستعادة وطنهم المحتل من الصهاينة وأعوانهم من القوى العالمية، فنشأت منظمة التحرير الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات التي مرت بالعديد من المراحل منذ الستينيات والسبعينيات وحتى اتفاقيات أوسلو التي جعلت منظمة التحرير الفلسطينية بمثابة الجندي الحارس لليهود في الضفة الغربية، وبدلا من المقاومة والتحرير أصبحت المنظمة اليوم مجرد شُرطي يُنسِّق مع الاحتلال الإسرائيلي في إدارة الضفة الغربية وغزة، وهي المناطق التي بقيت للفلسطينيين منذ نكبة عام 1948م.

ومع هذه الحالة من التراجع نشأت مُنظّمات فلسطينية أخرى وعلى رأسها كتائب الشهيد عز الدين القسّام على يد الشيخ القعيد أحمد ياسين منذ عام 1987م وحتى يومنا هذا لتحرير فلسطين كلها والمسجد الأقصى، ونظرا للتنسيق الأمني بين منظمة التحرير بقيادة محمود عباس ومحمد دحلان وبين إسرائيل قررت حماس أن تطردهم من غزة وتستقل بحكمها منذ عام 2007م وإلى يومنا هذا.

ومنذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا تعرضت غزة ولا تزال لحملات عسكرية إسرائيلية بربرية لا تفرق بين مدني وعسكري، وبين طفل وامرأة، فقتلت الآلاف من أهل غزّة على مرأى ومسمع من العالم، بالإضافة إلى حصارهم وتجويعهم، وحرمانهم من إنشاء ميناء أو مطار لتسهيل سفرهم إلى الخارج، بل وأكثر من ذلك تستولي إسرائيل على ثروات غزة في غاز البحر المتوسط، وتعتقل وتقتل يوميا الفلسطينيين من أهل الضفة الغربية، وأمام كل هذه المظالم الهائلة المستمرة منذ مائة عام وأكثر قررت حماس الثأر في عملية يوم 7 أكتوبر، وأمام الهزيمة الإسرائيلية المذلة والتي أدّت إلى مقتل 1200 من جنودهم داخل قواعدهم العسكرية، أدرك الأمريكان والغرب أكبر الداعمين لإسرائيل أن هجوم وانتصار حماس يعني بعث الأمل لتحرير كامل فلسطين والمسجد الأقصى، ولهذا السبب قررت أمريكا دعمهم المعنوي بإرسال حاملات الطائرات وإنشاء جسر جوي لإمدادهم بالذخيرة والصواريخ التي يقذفونها الآن على رؤوس أطفال ونساء أهل غزة، والذين بلغ عدد شهداؤهم 5500 والعدد في زيادة، بل إن أمريكا قررت إرسال 2200 جندي من جنودها لدعم العملية العسكرية البرّية المرتقبة.

وفي أثناء هذه الكارثة بدأنا نسمعُ عن الهدف الحقيقي من هذا الهجوم البربري الإسرائيلي الأمريكي على غزة، لقد خرج وزير الخارجية الأمريكي بلنكين الذي يفتخر أنه يهودي، يقول يجب إنشاء ممرات آمنة لإخراج أهل غزة إلى سيناء واستيطانها لتتمكن إسرائيل من القضاء على حماس والجماعات الإسلامية الأخرى.

ثم خرج العديد من المسئولين الصهاينة على القنوات العالمية يؤكدون هذه المطالب وأن إسرائيل هذه المرة يجب أن تحتل غزة وأن إسرائيل والقوى العالمية مستعدون لإنشاء 10 مدن لأهل غزة في سيناء المصرية، وأن السيسي سيحصل في مقابل ذلك على الأموال، وسيتم تصفير الديون المصرية التي تهدد الاقتصاد المصري، وهي صفقة تبدو مغرية للغاية، ولكن تهجير غزة شديد الخطورة للقضية الفلسطينية وللفلسطينيين وللأمة كلها التي تعتبر المسجد الأقصى من المساجد المقدّسة الثلاثة في الإسلام، وأيضا مشكلة كبرى لمصر وللمصريين.

بالنسبة للفلسطينيين؛ فإن تهجير أهل غزة لمصر يعني القضاء على المقاومة ووقوع النكبة الثانية مثل نكبة عام 1948م، واستيطان غزة باليهود القادمين من أوروبا وأمريكا اللاتينية، وإذا تم تهجير أهل غزة فإن إسرائيل ستصبح أشد قوة في القضاء على الفلسطينيين في الضفة الغربية وتهجيرهم أيضا إلى الأردن أو قتلهم وتقليل أعدادهم، وإذا وقع ذلك سيصبح هدم المسجد الأقصى مسألة وقت، وسيكونون قادرين على بناء الهيكل اليهودي على أنقاض المسجد الأقصى وهذا أمر لا يجب أن يقبل به المسلمون لأن المسجد الأقصى أول قبلة اتجه إليها النبي والصحابة لمدة 16 شهرًا، ولأنه ثالث الحرمين الشريفين، فالمسجد مقدّس في الإسلام مثله مثل المسجد الحرام والمسجد النبوي.

بالنسبة لمصر فإن تهجير أهل غزة يعني ذريعة جديدة لإسرائيل لكي يتدخلون في سيناء وفي مصر بحجة أن أهل غزة المهجَّرين يقاومون إسرائيل ويسببون لها مشكلة أمنية، وستكون هذه الذريعة الجديدة سببا في احتلالهم سيناء، وبهذا يضرب الإسرائيليون عدة عصافير بحجر واحد، يحتلون غزة، ويقضون على المسجد الأقصى، وينتهون من القضية الفلسطينية كلها، بل ويعيدون احتلال سيناء في المرحلة التالية.

وبسبب هذا المخطط الشيطاني يجب على الأمة تنتبه وأن تنصر أهل غزة لأن المخطط الأمريكي والصهيوني لن يتوقف عند فلسطين فقط، بل سيمتد إلى دول أخرى مثل مصر وتركيا ودول الخليج لتقسميها وإضعافها كما فعلوا في فلسطين وليبيا والسودان واليمن وسوريا والعراق ولبنان!

Be the first to comment .

* * Required fields are marked