Sosyal Medya

السياسة

ماذا يريد الصهاينة من مصر وتركيا؟!

والأخطر من ذلك أن إسرائيل تحرص على السيطرة على منابع دجلة والفرات في جنوب شرقي تركيا لكي تحقق نبوءتها التوراتية، وهذه السيطرة قد تكون بصورة مباشرة

**

في شهر أكتوبر من العام الماضي أعلنت حركة حماس عن قيام عملية عسكرية تجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، وقد أسفرت هذه العملية عن إعلان إسرائيل الحرب على غزة، ومنذ عام تقريبًا وإسرائيل تقوم بدور كبير في تدمير غزة ونهبها، حتى سقط ما يقارب 40 ألف شهيد، وعشرات الآلاف من الجرحى، بالإضافة إلى تدمير المباني والبنية التحتية في غزة.

وسنلاحظ أن إسرائيل استغلت الهجوم الذي شنّته حماس لتصفية الملف الفلسطيني بصورة كاملة، فهي تدرك أن السيطرة على غزة يعني الانتقال إلى الخطوات التالية في مشروعها التوراتي، كما يلي:

  • إعادة احتلال غزة سيعطي إسرائيل المبرر لإعادة احتلال الضفة الغربية بصورة أشد قسوة، وربما تدمير سلطة محمود عباس في رام الله
  • تسريع عملية هدم المسجد الأقصى وبناء الهيكل على أنقاضه
  • سنتنقل إسرائيل إلى الخطوات التالية بالسيطرة على ما بين النيل والفرات.

لقد كان من اللافت أن كلا من أردوغان والسيسي وملك الأردن عبد الله خرجوا يحذرون من خطورة الأهداف الصهيونية، بل إن بعض وزراء إسرائيل ثبت وجودهم في مؤتمرات ترفع شعار من النيل للفرات.

ومن أجل تحقيق هذا الحلم التوراتي تتخذ إسرائيل العديد من الإستراتيجيات الخطيرة؛ فقد أرادت أولا أن تنقل سكان غزة إلى سيناء في المرحلة الأولى في مقابل إسقاط الديون عن مصر، ولكنها خدعة كبيرة ستكون مبررا للتدخل الإسرائيلي في سيناء مستقبلا بحجة وجود إرهاب في سيناء.

وقد رفضت الحكومة المصرية هذا المقترح رفضًا قاطعًا، ورأت فيه مكرا إسرائيليا يستهدف مصر حكومة وشعبًا على الرغم من وجود معاهدة سلام بين الدولتين تم توقيعها في عام 1979، وحين وجدت إسرائيل أن مصر رافضة لنزوح سكان غزة وتوطينهم في سيناء أصرت على الدخول عسكريا إلى رفح الفلسطينية وتدميرها، ثم احتلال ممر فلادلفيا.

 

فما هو ممر فيلادلفيا الذي تصر مصر على أن خروج إسرائيل منه؟

هذا الممر هو شريط بري ضيق يسير بالتوازي مع الحدود المصرية ولكن من الجانب الفلسطيني، وهو شريط ضمن قطاع غزة أصرت مصر أن يكون ضمن السيادة الفلسطينية أثناء توقيع اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل، ولكن إسرائيل خرقت هذا الشرط في العديد من المرات، وآخرها منذ أشهر، بل وقامت بتدمير معبر رفح الفلسطيني الذي يتواجد على بُعد أمتار من معبر رفح المصري.

ويعد وجود الصهاينة في ممر فلادلفيا ومعبر رفح الفلسطيني بمثابة استفزاز للجانب المصري، وقد يكون خطوة قادمة للتدخل في سيناء أي حجة أو عُذر، والأخطر من ذلك أن الصهاينة يعملون على إضعاف مصر اقتصاديا، بل ويتحالفون مع أثيوبيا لمنع أو تقليل نسبة مياه النيل القادمة إلى مصر؛ الأمر الذي سيؤدي إلى نشوب صراع عسكري مسلح بين مصر وأثيوبيا قد تستغله إسرائيل لاحقا للتوسع في سيناء.

والأخطر من ذلك أن إسرائيل تحرص على السيطرة على منابع دجلة والفرات في جنوب شرقي تركيا لكي تحقق نبؤتها التوراتية، وهذه السيطرة قد تكون بصورة مباشرة، وهذا صعب في هذه المرحلة لا سيما وأن الحرب في غزة وجنوب لبنان مستمرة، ولكن قد يتم ذلك بدعم الجماعات الإرهابية في شمال العراق وسوريا التي تحاربها تركيا منذ عقود، وقد يكون بصور أخرى.

والهدف الذي يسعى إليه الصهاينة هو السيطرة على مقدسات المسلمين الكبرى وهي المسجد الأقصى والمسجد النبوي ثم في المرحلة الأخيرة السيطرة على مكة المكرمة إن استطاعوا ذلك، والقصد من ذلك تدمير الإسلام من داخله، وجعل المسلمين في الشرق الأوسط في تبعية مطلقة للصهيونية العالمية.

ولا يتم المخطط الصهيوني عسكريًا فقط، بل يتم أيضًا سياسيا من خلال التطبيع مع العديد من الدول العربية، فقد بدأت هذا التطبيع مع مصر والأردن، ثم مع المغرب وأخيرا مع العديد من دول الخليج العربي، وهي تستهدف المملكة العربية السعودية في هذه المرحلة لأهميتها الإستراتيجية في المنطقة.

ثم يسعى المخطط الصهيوني إلى التطبيع الثقافي، ومحاولة تغيير المناهج الدراسية في الدول العربية خاصّة، من خلال حذف الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تحض على الجهاد أو تفضح اليهود وتكشف أهدافهم الخبيثة، بل وتسعى هذه المناهج الجديدة إلى تقبل الشذوذ الجنسي، والجنس مع الأطفال، ومساواة الأديان الأخرى مثل المسيحية واليهودية بالإسلام.

الشيء الوحيد الذي يمنع إسرائيل عن تسريع هذا المشروع الخطير هي المقاومة في غزة التي لا تدافع عن نفسها اليوم فقط، بل تدافع عن معظم دول المنطقة وعلى رأسها مصر وتركيا ودول الخليج لأن هذه الدول هي الأكثر أهمية للمشروع الصهيوني والماسوني العالمي.

وكما نعلم فإن مصر وتركيا هما أكبر دولتين سُنيتين في منطقة الشرق الأوسط، وإضعافهما أو تقسيمهما سيكون في مصلحة المشروع الصهيوني الذي لا يستطيع التمدد وتحقيق أهدافه إلا في ظل الاضطرابات والانقسامات الداخلية في هذه الدول، لذا يجب الحرص كل الحرص والتيقظ للمشروع الصهيوني الذي يستهدف كل من تركيا ومصر.

 

**الكــــــــــــــاتب: د. محمد عبد الحميد

Be the first to comment .

* * Required fields are marked