Sosyal Medya

السياسة

مأزق إيران: الدين أم المذهب؟!

**

إيران تعاني منذ سبتمبر 2022 من أزمات متتالية. بينما ترى القيادة الإيرانية أن السبب هو تدخل القوى الخارجية، فإن الأحداث الداخلية تشير إلى أن المشكلة ليست مقتصرة فقط على التأثير الخارجي، بل تتعلق أيضًا بسياسات داخلية خاطئة. على سبيل المثال، في 30 سبتمبر 2022، شهدت مقاطعة سيستان وبلوشستان الواقعة في جنوب شرق إيران، والقريبة من باكستان وأفغانستان، أحداثًا أظهرت أخطاءً نظامية بحتة.

بدأت الأحداث عندما وُجّهت اتهامات لرئيس شرطة في مدينة جابهار في المقاطعة باغتصاب فتاة تبلغ من العمر 15 عامًا، كانت قد استُدعيت كشاهد على جريمة. عدم فتح تحقيق مركزي بشأن هذه الادعاءات أثار غضب السكان وأدى إلى اندلاع مظاهرات. خلال الاحتجاجات، أبدت السلطات الإيرانية تساهلًا نسبيًا مع مظاهرات غرب البلاد، لكنها تصرفت بعنف شديد مع مظاهرات بلوشستان، حيث أطلق القناصة النار على المدنيين، واستخدم الجيش الذخيرة الحية ضد المتظاهرين السلميين، مما أسفر عن مقتل 27 شخصًا وإصابة المئات في أول يوم، وأطلقت تسمية "الجمعة الدامية" على يوم 30 سبتمبر. استمرت الاحتجاجات في الجمع التالية، وبحلول نوفمبر وصل عدد القتلى إلى 100 وعدد الجرحى إلى الآلاف.

تاريخيًا، كانت بلوشستان منطقة تعاني من التهميش وسوء المعاملة من قبل نظام الملالي الإيراني. السبب الأساسي هو أن سكانها من السنة وليسوا من الشيعة، كما أنهم ليسوا فرسًا، بالإضافة إلى كونهم فقراء مع قلة الاستثمارات في منطقتهم واعتمادهم على التجارة غير المشروعة وتهريب المخدرات. تقسيم البلوش بين ثلاث دول (إيران، باكستان، وأفغانستان) نتيجة رسم الحدود من قبل الاستعمار البريطاني ساهم في تعقيد الوضع. هذا التقسيم أوجد مجتمعًا قبليًا له روابط قوية ويصعب على الدول السيطرة عليه. ولم تسهم القوى الأوروبية بأي حلول لتحسين الوضع، بل استمرت في استغلال النزاعات.

النظام الإيراني الطائفي يستخدم سياسات تمييزية تجاه هذه المنطقة، قد تكون نتيجة تأثير دوائر تعليمية غربية أو توجيهات من عملاء داخليين وأجانب. النظام يفتقر إلى تحقيق العدالة التي يدعو إليها الإسلام. الاغتصاب، والقتل، واستخدام العنف ضد المتظاهرين كلها أفعال لا تتماشى مع قيم الإسلام، بل ولا حتى مع قيم الإنسانية.

الأحداث الأخيرة في بلوشستان أثارت قلق البلوش في باكستان وأفغانستان، مما جعل المنطقة بأكملها في حالة اضطراب. ورغم أن الحكومة أعلنت فتح تحقيق في حادثة الاغتصاب، فإن استمرار الاعتقالات بحق المتظاهرين، بالإضافة إلى الحوادث المشابهة السابقة، زاد من التوتر. معدل الإعدامات في بلوشستان يشكل 19% من إجمالي الإعدامات في إيران، رغم أن سكان المنطقة يمثلون 5% فقط من إجمالي السكان.

ظهور حركات قومية بلوشية تدعمها بعض الدول مثل الولايات المتحدة...وغيرها؛ زاد من تعقيد الوضع. وصرح الرئيس الأمريكي بايدن بدعمه للاحتجاجات، بينما اتهمت إيران بريطانيا بدعم الأحداث.النظام الإيراني بحاجة إلى مراجعة سياساته وتحقيق العدالة لشعبه بدلًا من الانجرار وراء السياسات الإمبريالية. كما يجب أن يتذكر المسؤولون الإيرانيون كلمات الراحل نجم الدين أربكان: "لن أستبدل قطرة دم لمسلم بكل العالم".

ختامًا،إيران وبلوشستان تحتلان مواقع استراتيجية، وهو ما يجعل المنطقة ساحة للصراعات الدولية. الولايات المتحدة تحاول حصار إيران من جميع الجهات، لكن الحل لن يكون مع أي طرف من الأطراف الخارجية، بل في العودة إلى القيم الإسلامية الحقيقية وتحقيق العدالة لجميع المواطنين. كما قال الله تعالى: "وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقًا."

 

الكاتب؛ أبو معصوم مجاهد

 

    ترجمة؛ د.أبو يزن

Be the first to comment .

* * Required fields are marked