Sosyal Medya

اقتصاد

النظام الاقتصادي القائم على الزكاة: حل إسلامي للحد من الفقر

" للزكاة آثار إيجابية على إنتاجية واستثمار موارد الدولة بشكل جيد. فالمسلمون الذين لديهم الحد الأدنى من الثروة يؤدون الزكاة بهدف تحسين الظروف المعيشية للفقراء والمساكين وغيرهم".

النظام الاقتصادي القائم على الزكاة: حل إسلامي للحد من الفقر

Mohammad Nadimur Rahman[1]

 

لفظة الزكاة تعني الطهارة والنظافة، والزكاة هي الركن الثالث من أركان الإسلام الخمسة،  وهي واجبة على المسلمين الذين يزيد صافي ثروتهم عن النصاب. وهذا المعدل هو الحد الأدنى للإعفاء من دفع الزكاة. حيث قال الله تعالى في كتابه الكريم: "الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ": (فُصِّلت/7).

يتفق معظم الفقهاء على أن  الزكاة فرض على كل مسلم بالغ حرٍّ له من المال ما يزيد عن النصاب. ومن ينكر ذلك يعتبر مرتداً عن الإسلام ويعاقب عقابا شديدا يوم القيامة. قال رسول الله ﷺ :” ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه في نار جهنم فيجعل صفائح فيكوى بها جنباه وجبينه. حتى يحكم الله بين عباده.

 

معدل النصاب والزكاة:

كلمة نصاب في القاموس تعني "الحدود ، الإشارة ، الأصل ، الجذر ، المصدر"، وهي كمصطلح فقهي تعبِّر عن مقدار الثروة التي تجب فيها الزكاة.فإذا بلغتثروةالمسلم 595 جرامًا من الفضة أو 85 جرامًا من الذهب فعليه دفع 2.5 بالمئة من هذه الثروة كزكاة. ويُعرف هذا النوع من الزكاة بزكاة المال. وإذا كان لدى المسلم خمسة إبل وأربعون ماعزًا وثلاثون بقرة وجب عليه دفع الزكاة من هذه الثروة الحيوانية. ويُعرف هذا النوع من الزكاة بزكاة الأنعام أو الحيوانات.

كما يجب إخراج زكاة الكنز المخفي المعروف بزكاة الرقة. فإذا وجد صاحب المنجم ذهبًا أو حديدًا أو فضة أو كبريتًا فإنه يدفع خُمس هذه الكنوز لصندوق الزكاة. أما الكنوز أو المعادن التي  لا تذوب بالنار فتُعفى من الزكاة. وهناك نوع آخر من الزكاة يسمى بزكاة العُشر كما جاء عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ليسَ فيما دونَ خمسَةِ أوسُقٍ صدَقةٌ، وليسَ فيما دونَ خمسِ ذَوْدٍ صدقةٌ". قال ابن قدامة: "تعتبر خمس أوسق من الحبوب أو التمر هي الحد الأدنى لأنها ستكون النسبة الأدنى المطلوبة لإعالة أسرة واحدة لمدة عام، وفي الحد المتوسط ​​ يستهلك الشخص الواحد جرامًا واحدًا من الحبوب يوميًا.

روي عن عبدالله ابن عمر رضي الله عنه أن رسول اللهﷺ قال: 
"فِيما سَقَتِ السَّمَاءُ والعُيُونُ أَوْ كانَ عَثَرِيًّا العُشْرُ(10%)، وما سُقِيَ بالنَّضْحِ نِصْفُ العُشْر(5%)".يتضح من هذا الحديث أن عُشر الإنتاج الزراعي الذي هو 10٪ يجب أن يُدفع كزكاة عُشرٍ عن غلة الأراضي التي سقاها المطر، وأما الأراضي غير المَسقِيّة بالمطر فإن مقدار الزكاة فيها يكون نصف العشر، أي 5٪.

بناءً على الآية (60) من سورة التوبة هناك ثماني مجموعات تستحق الزكاة، وهي على النحو التالي:

الفقراء: و هؤلاء  هم الذين لا يملكون  ما يلبّي احتياجاتهم الأساسية.

المساكن:يقصد بهم المحتاجون، وهم الذين دخْلهم أقلّ من احتياجاتهم الأساسية وليس لديهم من يعتمدون عليه.

العاملين عليها: ويقصد بهم  العاملون في مؤسسات الزكاة ( صندوق الزكاة ).

المؤلفة قلوبهم: هم الذين لهم تأثير في قومهم، فبإعطائهم الزكاة يقوى إيمانهم أو يدخلون في الإسلام إن كانو غير مسلمين. فقد ثبت أن النبي صلي الله عليه وسلم أعطى نصيبًا من الزكاة لبعض الأشخاص الذين اعتنقوا الإسلام حديثًا أثناء فتح مكة، وكذلك أولئك الذين لم يعتنقوا الإسلام بعدُ.

الرقاب:ويقصد بهم العبيد، والزكاة تعطى لمن يريد التخلص من الرق وشراء حريتهم بالمال. إن تحرير الرقاب  من خلال الاستفادة من صندوق الزكاة يظهر الأهمية التي يوليها الإسلام لحرية الإنسان.

الغارمون:يقصد بهم أولئك الذين لا يستطيعون سداد ديونهم بسبب الدخل المنخفض  مقارنةً بالاحتياجات. وبعد قضاء الدين تندرج هذه الفئة ضمن من لا يملك نصاباً.

في سبيل الله: ويقصد بهم  أولئك الذين يكافحون من أجل إقامة نمط حياة إسلامية قائمة على الشريعة. وقد استُخدمت عبارة "في سبيل الله" في معنيين مختلفين: المعنى الأول:  يقصد بهم المحاربون  من أجل إعلاء كلمة الإسلام. وعليه فإن الزكاة تُدْفع للمجاهدين في سبيل الله. وعند الإمام مالك والشافعي لا فرق بين الغني والفقير ممن يشاركون في الحرب، لأنه حتى لو كان المحاربون أغنياء في أراضيهم فإنهم بوجودهم في ساحة الحرب بعيدون عن ممتلكاتهم.

ابن السبيل :ويقصد بهم المسافرون الذين انقطع بهم السبل ويحتاجون إلى ما يوصلهم إلى أهلهم. ويدخل في هذا القسم كل من خرج في رحلةأوسفر وانقطعت به السبل، كمن خرج في حجٍّ أو حرب أو زيارة أو رحلة تجارية.

 

  الزكاة كأداة تحقيق المساواة في الدخل وللحد من الفقر:

للزكاة آثار إيجابية على إنتاجية واستثمار موارد الدولة بشكل جيد. فالمسلمون الذين لديهم الحد الأدنى من الثروة يؤدون الزكاة بهدف تحسين الظروف المعيشية للفقراء والمساكين وغيرهم.

وتنقسم صناديق الزكاة إلى ثلاث فئات على النحو التالي: الزكاة النقدية ، والزكاة العينية ، والزكاة في الأنشطة المدرة للدخل. ويمكن إعطاء الزكاة النقدية لأولئك الذين لا يشاركون بشكل مباشر في أنشطة الإنتاج بسبب الإعاقات الجسدية أو العقلية أو غيرها من الإعاقات التي تمنعهم من ممارسة الأعمال التجارية. كما تقدم الزكاة لأولئك الذين تضرروا من الكوارث الطبيعية مثل الفيضانات والأعاصير والزلازل أو توفير الخدمات الصحية الريفية ، وبناء مساكن مؤقتة أو شبه دائمة ، وغرس الأشجار ، وتوفير مياه الشرب النقية، وما إلى ذلك. كما يمكن إعطاء الزكاة العينية لمن ليس لديه مثل هذه الفرص.و  يمكن أيضا تضمين الأنشطة الإنتاجية من أجل توفير التدريب المهني للقادرين على العمل ولكن لا يمكنهم العمل بسبب نقص التعليم. كما يمكن توزيع الزكاة على الفقراء لأغراض التمويل الأصغر وأغراض الاستثمار الأخرى. لذلك عند توزيع أموال الزكاة على الأنشطة التي تزيد الدخل سيكون الأشخاص المستهدفون هم القادرين على القيام بعمل بدني ولكنهم عاطلون عن العمل (1993,Pramanik).

وفقاً لفضل الرحمن (1980) يمكن اعتبار الزكاة كـ "صندوق تأمين اجتماعي"، بحيث يكون بيت المال بمثابة جمعية تعاونية وشركة تأمين وصندوق ادخار للمجتمع المسلم.ويتم جمعها كضريبة من كل فرد ثري في المجتمع الإسلامي. ويستخدم هذا الصندوق لتحسين مستويات المعيشة لأفراد المجتمع الأقل قدرة، بالإضافة إلى ذلك تُعطى الزكاة للعاطلين عن العمل، والفقراء، والمحتاجين، والأيتام، والأرامل إلخ. وقد يكون هناك رأس مال إضافي يقدمه المجتمع للمساعدة بعد إنشاء نظام الزكاة في المجتمع، وبذلك يمكن حل العديد من المشكلات التي يعاني منها المسلمون بسهولة.

 

                 الزكاة والتعليم:

تعتبر الثروة البشرية أحد أهم عناصر التنمية في أي دولة، حيث تكون القوى العاملة مطلوبة لتشغيل جميع القطاعات الاقتصادية في البلاد: مثل الزراعة والتصنيع والتعليم والصحة وغيرها. ويعد قطاعُ التعليم الأهمَّ من بين هذه القطاعات، لأنه الطريق الأمثل في تأهيل وتطوير القوى العاملة التي ستعمل في جميع القطاعات الأخري، بما في ذلك الزراعة والصناعة وغيرها. ويعد التعليم استثمارا اجتماعيا لأنه يلعب دورًا مهمًا في تنمية البلاد على المدى الطويل، وذلك عن طريق إنتاج قوة عاملة ماهرة ذات دراية عالية بمشكلات المجتمع والحلول المناسبة لحل تلك المشكلات وتوفير الرفاهية والعيش الكريم للمجتمع. ومن أجل تحقيق هذه الأهداف النبيلة يحتاج قطاع التعليم إلى اتخاذ خطوات مختلفة لتدريب وتأهيل الموارد البشرية التي يحتاجها البلد. ولتحقيق ذلك يجب التأكد من أن كل شخص يتلقى التعليم الابتدائي والثانوي والعالي، كما يجب أن تنظِّم القطاعاتُ الأخرى برامج تدريب مهني للموظفينلاكتساب المهارات اللازمة لأداء وظائفهم بشكل أفضل في القطاعات الاقتصادية.

أخيرًا ، يجب أن يوفر قطاع التعليم فرصًا للأفراد لاكتساب المهارات والمعرفة من خلال تلقي التعليم المناسب الذي يؤهلهم ليكونوا منتجين ومساهمين في دفع عجلة التقدم والازدهار في جميع القطاعات  الاقتصادية والصناعية وغيرها. (Yusoff ، 2011).

وبما أن التعليم والتدريب المهني الجيد أصبح من نصيب أبناء الأغنياء فإن كثيرا من أبناء الفقراء والمحتاجين يُحرمون أو تقلّ فرصهم في الحصول على التعليم الجيد الذي يؤهلهم للحصول على الوظيفة المناسبة. وبالتالي إذا تم استخدام أموال الزكاة للأغراض التعليمية فإن فرصة التعليم ستكون متاحة لأبناء الفقراء، وبالتالي سيكثر المتعلمون الذين سيساهمون في نهضة وتقدم البلاد. وكما يمكن استخدام أموال الزكاة في تأسيس المرافق التعليمية يمكن استخدامه أيضاً لتزويد المعلمين ببيئات تعليمية مناسبة تساعدهم على تقديم خدمة تعليمية أكثر فائدة للطلاب.

 


[1] Doktora Öğrencisi (İktisat), Erciyes Üniversitesi

Be the first to comment .

* * Required fields are marked