Sosyal Medya

الثقافة

لماذا يحب الإنسان الحرية بهذا القدر؟

"إن الجنس البشري يريد بطبيعته أن يكون على رأس كل شيء في هذه الحياة، فنحن نستمتع بالتحكم في محيطنا وما يدور حولنا، ونحن نريد أن يكون كل شيء تحت أمرنا. لكن بالفعل هل كل شيء تحت سيطرتنا حقًا؟"

الكاتب: أشرف أكينتولا
المترجم: شاخوان محمد

 

في هذه الأيام التي يعتبر مفهوم الحرية فيها أحد المفاهيم التي تشكل خطراً على الناس بسبب سوء فهمهم له يجب علينا أن نسلط الضوء حولها، ونعرف مضامينها وحقيقتها.إنالمقصود بالحرية في أيامنا أن يكون الشخص حرا في التعبير، أن يرتدي ويأكل ما يريد ويشتهي، أن يتصرف في جسده كما يحلو له وأن يصطحب ما يريد....إلخ. قد تبدو مثل هذه الأفكار جميلة وجذابة عن الحرية المطلقة التي لا حدود لها ولا قيود؛ إلا أنها تشكل بعض التهديدات لعقيدتنا.

 

الحرية ومسألة الخلق

لماذا خُلقنا، ما الهدف والغاية من وراء وجودنا...

أمثال هذه الأسئلة قبل أن تأتي على اللسان نحن بحاجة إلى معرفة أن مفهوم الخلق نفسه يخضع لاعتراضات من قبل بعض العلماء والسياسيين والفلاسفة الذين يؤثرون في عالمنا الحديث؛ في حين لم يكن الأمر  هكذا في الماضي.

قبل الانطباع الزائد بأن الدين يتعارض مع العلم رأينا الناس يتفوقون في كلا المجالين. لقد حاولوا خلال أزمنة كثيرة أن يفرضوا علينا نظرية "التطور" لداروين، وذلك  لتشويه موضوع الخلق. وعلى الرغم من أن هذه النظرية لم تصبح يوما ما حقيقة بل بقيت كنظرية في العالم العلمي من القديم حتى اليوم. وفي بعض الأوقات حاولوا أيضًا تسويق نظرية "الانفجار العظيم" بشكل مختلف لكي يبدو موضوع الخلق مثل الكذبة والضلال، وقد أرادوا من رواء ذلك أن يبدو الإنسان وأنه إله مستقل.

وبسبب هؤلاء قاموا بنسبة جميع المخلوقات التي خلقها الله تعالى إلى الصدفة العشوائية. وقد اقترحوا أن أصل الإنسان نابع من القردة. مثل السلحفاة والثعلب في القصص الخيالية، وقد حاولوا جعلنا أن نصدق أن آدم وحواء مجرد شخصيات أسطورية.

 للأسف، حتى الآن واعتمادا على هذه الخرافات يتم استخدام مثل هذه الأساليب لمناقشة مفهوم الحرية وإلغاء الدين وأخلاقه من مجتمعنا!!.

 

الإنسان وحب الحرية

إن الجنس البشري يريد بطبيعته أن يكون على رأس كل شيء في هذه الحياة،  فنحن نستمتع بالتحكم في محيطنا وما يدور حولنا، ونحن نريد أن يكون كل شيء تحت أمرنا. لكن بالفعل هل كل شيء تحت سيطرتنا حقًا؟ بعبارة أخرى ، هل يمكننا الوصول إلى السلطة المطلقة؟ الجواب واضح.

وضوح الجواب يمكن استشفافاه من أجسادنا إلى العالم المحيط بنا، ومن الهواء الذي نتنفسه إلى الماء الذي نشربه، لا يمكننا التحكم في أشياء كثيرة على الرغم من أنها مهمة جدًا في حياتنا. نعم هل يمكننا أن نسمي شخصًا حرًا يقدر الحرية ويحبها كثيرًا لكن لا يمكنه حتى التحكم في دقات قلبه؟ لنسأل أنفسنا - بصرف النظر عن أفكارنا وأفعالنا-ما هي أجزاء الجسم الأخرى التي نتحكم فيها حقًا؟ لا شيء ! بمعنى أنه ليس هناك جزء في جسمنا تحت سيطرتنا نحن!

هل يمكن أن يقال حقًا إن الإنسان حر عندما يعتمد بقاؤه على مقدار المطر الذي يمطر في السنة؟ هل الحساب مجاني؟ هل هي خالية من العبودية للخالق الأسمى الأحد؟ لا! إنه ليس حرا على الإطلاق!.

رأينا ونرىأن العالم كله جثا على ركبتيه تحت رحمة فيروس مخلوق صغير جدًا بحيث لا يمكن رؤيته بالعين المجردة. قبل عامين، لم يكن أحد يتوقع أن كرونا فايروس، -وهو مرض لا يعرف الناس العاديون الكثير عنه- ، أن يكون من شأنه تغيير الطريقة التي يتفاعل بها الناس، والطريقة التي نتصرف بها ، والهيئة التي نرتدي بها ملابسنا، بل ويغير من ثقافتنا ، ومزاجنا. ومع ذلك فإننا نسعى إلى الدعاية للحرية، لا لخالقنا الذي خلق كل شيء وقدر عليه وهدى، وذلك فقط من أجل لقيام بما نشاء في حياتنا.         

       

الحرية وأوامر الله ونواهيه

لقد خُلقنا في هذا العالم فقط لعبادة الله، وإلى جانب العبادات الأساسية يجب أن يكون كل ما نقوم به – من الزواج ، والأكل، والشرب، والتجارة ، والحديث ، وما إلى ذلك - خطوات لتحقيق الغاية التي خلقنا من أجلها وهي العبادة لله الواحد الأحد.

واقع اليوم يجعلنا نشعر أننا نعيش في عالم مغلق ومحدود وذلك بسبب حدود الله التي افترضها علينا. لكن الشيء الحقيق هو أن اتباع القواعد لا يضر ولا يقلل من القيمة الحقيقية للإنسان. علاوة على ذلك ، عندما تكون هناك قواعد أنزلها الله فهي تتوافق مع خلقنا وخلقتنا وقدرتنا وخيرنا، بمعنى آخر: القواعد التي وضعها الله لنا هي التي نحتاج إليها للعيش الكريم الرفيع. من هنا يجب أن نعلم أن القيود قليلة ودائرة الموانع في الإسلام صغيرة جدا؛ وذلك مقارنة بدائرة المباحات وبما سمح لنا القيام به.

على سبيل المثال، سُمح لنا بكل الأطعمة إلا استثناءات قليلة مثل لحم الخنزير، والكحول، والحيوانات ذات الأنياب الطويلة والجيف النافقة. بما في ذلك اهل الكتاب سُمح لك بالزواج من جميع النساء باستثناء عابدات الأوثان والفئات الاثني عشر الموضحة في القرآن (نساء 4: 21-24). كما أن جميع أنواع التجارة وأنواع البيوع حلال إلا الربا حرمه الله.

عندما نقف على ذلك ونفكر في كل هذا ، يبدو موضوع دائرة الحلال والحرام في الإسلام تماماً كمثل من يأكل التفاحة ويتركُ لُبّها؛ أو مثل آكل الموزة وتارك قشرتها. حتى الإنسان بإمكانه أن يكتشف أيهما أحلى وألذّ. فلنتذكر كيف أُعطي آدم وزوجته الجنة بالكامل، لكن مُنعوا من شجرة واحدة فقط. على الرغم من ذلك لكن خدعهم الشيطان وجعلهم يأكلون من الشجرة التي أمروا بألا يأكلوها!!.

 

رغبات وهوس الإنسان

يقول الله تبارك وتعالى في سورة الجاثية: " أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ". (الجاثية": 23).

هذه الفئة المذكورة في القرآن الكريم تخبرنا بما يعتقده بعض الناس؛ يقولون: "الحياة الحقيقية هي حياتنا الدنيا فقط في هذا العالم، نحيا ثم نموت ومصيرنا إلى العدم والفناء". والمتأمل في أيامنا هذه سيجد أن المصطلحات المستخدمة من قبل المنحرفين المعاصرين من الدهرانيين والعدميين هي نفسها  المذكورة في الآية الكريمة؛ لأن المشاعر والأفكار والمعتقدات ليست إلا وساوس يصنعها الشيطان لتضليل الناس؛ فيجعلك تعتقد أنك المسيطر على هذا الكون، وستبقى هنا إلى الأبد، ولن تُحاسب على أفعالك أبدا، وهدفه من وراء ذلك أن يسيطر على قلبك وأذنيك وعينيك ويُعميها عن حقيقة الحياة والموت، وعن أسئلة المصير والمآل، وإذا سيطر الشيطان على الإنسان فإنه لا يبصر ولا يفهم ولا يعقل.

إخوتي وأخواتي الأعزاء ، كما قال نبينا الحبيب صلى الله عليه وسلم، هذا العالم الذي نحن فيه- الدنيا- يعتبر كسجن للمؤمنين وجنة للكافرين. علينا أن نتذكر مسؤوليتنا أمام الله؛ في الحقيقة أجمل حرية لنا هي: أن نعيش في إطار أحكام شرع الله سبحانه وتعالى. فنحن ملزمون بهذه الحدود في الدنيا حتى لا يكون لنا قيود في الآخرة. لنسعى بجدٍ لكي لا نكون من الضالين!.

 

تنبيه: الآراء الواردة في المقالة تعبّر عن رأي الكاتب.

 

Be the first to comment .

* * Required fields are marked