Sosyal Medya

الإسلام

ست عوامل حول المفهوم الخاطئ عن الشريعة

"إنه لمن أنبل الأعمال أن يقوم المرء بتعلم الإسلام والتعايش معه و الدعوة إليه، ولكن المبالغة الّتي قد تقود إلى التطرف في أغلب الأحيان تظهر عندما تسيطر المشاعر والأحكام الخاطئة على المعارف والعقول أو الحقيقة"

          الكاتب: صديق إفأولوا أويلامي

          المترجم: أبوبكر خامس محمد حمد

 

عقب تولي حركة طالبان مقاليد الحكم في أفغانستان، اكتسب مصطلح (الشريعة )، والذي يعبر عن القانون الإسلامي شهرةً كبيرةً؛ فقد أصبح الكثير من الناس يبحثون عن معنى ذلك المصطلح إلى حدّ أن يتصدّر مصطلح الشريعة محرك البحث "جوجل". وعلى عكس المتوقع  فبدلاً من أن يفهمه الناس على الوجه الصحيح أصبح مصطلح "الشريعة" محل إثارة للجدل، كما هذا المصطلح مفهوماً بطريقة خاطئة مثل باقي المصطلحات الإسلامية. هذه النتيجة الغير مترابطة ترجع إلى بعض العوامل الّتي يمكن إيجازها في ست نقاط رئيسة: 

 

1-الحماسة الزائدة في تطبيق الشريعة عند البعض

بعض الناس رغم جهلهم بمعاير تطبيق الشريعة حتى على أنفسهم كأبٍ أو كأمٍ أو كابنٍ إلا أنهم يقولون: (نحن نريد الشريعة أو سنطبق الشريعة) . فالمسلمون عادةً ما يكونون مغرَمينَ بهذا المصطلح لكنهم لا يعلمون كيفية تطبيقه على أرض الواقع. وهذا يدفع بعض المتحمسين في بعض الأماكن، خاصة طلاب العلم إلى محاولة إنشاء دولةٍ فاضلةٍ على أساسٍ شرعي دون وجود تصوّرٍ محكَم وملموس .

إنه لمن أنبل الأعمال أن يقوم المرء بتعلم الإسلام والتعايش معه و الدعوة إليه، ولكن  المبالغة الّتي قد تقود إلى التطرف في أغلب الأحيان تظهر عندما تسيطر المشاعر والأحكام الخاطئة على المعارف والعقول أو الحقيقة. الإسلام هو دين الوسطية بكل ما تحمله الكلمة من معنى. إن قوانين الشريعة تقوم على توافق الآراء الّتي تعتمد على مبدإ استثنائي، والذي يهدف إلى حفظ وحماية خمس مبادئ (الضروريات): الدين، و النسب، والعقل، والنفْس، والمال. ولذلك فإن كل قانون داخل الشريعة يتناسب مع تلك المبادئ أو الضروريات. لكن وكما هو الحال مع كل القوانين فإن الشريعة بحاجة إلى متخصصين لتطبيقها. ولكن هناك المتحمسون الّذين يريدون تفسير الشريعة بدون خبرة كافية أو ليسوا صبورين بشكل كافي ليزِنوا الأمور بشكل صحيح. لذلك قد تؤدي تلك الطائفة من الناس إلى إحداث تنافر في عقول الناس حتى المسلمين منهم.

إن خطر هذا الخطأ من جانب تلك الطائفة لا يقتصر فقط على دعم موقف المُعادين للإسلام بل أيضاً يقود إلى النقطة التالية وهي اندفاع بعض المسلمين المتسرع والغير الممنهج، وهذه الحركة قد تنعكس سلبا على المسلمين أنفسهم.

 

2-دفاع المتحمسين

( لا هذه ليست الشريعة) هذه جملة مألوفة لكل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي. بعض المسلمين يستخدمون تلك العبارة وهم يحاولون تبرير أفعال الآخرين، والّتي يعتبرونها غير متوافقة مع الشريعة. على سبيل الدهشة فهذا الدفاع البسيط قد جلب مزيداً من الغموض حول قوانين وأحكام الإسلام بدلاً من إيضاحها.

إن الدفاع المتسرع بتلك الطريقة يكون في الغالب على شكل بيانات عامة، ولكن مع الأسف الشديد يتم استخدام الأيدلوجية اللبرالية كمعيار. إن  اجتماع الجهل مع الحماسة لدى المسلم قد يؤدي إلى التطبيق الخاطئ لبعض جوانب الشريعة.

إن المفارقة في هذه الحالة هي أن معظم هذه الدفاعات لا تطالب  بتفسير صحيح للشريعة، بالعكس فهُم يحاولون جعل الشريعة متناغمة ومتطابقة مع أجنداتهم الخاصة. وهذا التصرف يجعل الإنسان يتساءل: أي الشريعتين هي الصحيحة، أو  ما هي ماهية الشرعية في الاساس؟ (الشريعة التي أنزلها الله أو شريعة هؤلاء المتحمسين؟. ومع الأسف فان كثيرا ممن يدخلون في هذه  المناقشات لا يستطيعون تفسير العناصر المهمة في الشريعة، بل إنهم ليسوا أهلاً لذلك المجال.

 

3-تطبيع الشريعة

إن واحدة من أهم صور ديناميكية القانون الإسلامي هي قدرته على احتواء ثقافة المسلمين في كل مكان مادامت لا تتعارض مع مبادئ الشريعة. فالعرب والفرس والترك وباقي الأقوام في أفريقيا وآسيا الّذين اعتنقوا الإسلام لقرون ربما يصعب عليهم التفرقة بين عقوبات القانون  الإسلامي وبين ثقافاتهم. لذلك في سبيل مواجهة تلك الثقافة المتشعبة يلجأ بعض المسلمين إلى تطبيق العقوبات العرفية والثقافية المجتمعية ظانين خطأً أنها أحكام إلهية. فبعض طلاب العلم المتحمسين أو بعض المسلمين الّذين يخلطون بين الثقافة والشريعة قد أضرو بالإسلام  أكثر من نفعهم له.

 

4-الحكم المسبق

هي ظاهرة يؤثر فيها التعرض لمحفز واحد على الاستجابة لحافز لاحق دون توجيهٍ أو وعي صحيح. والحال مع الشريعة مماثل، فالصور النمطية الّتي اعتاد عليها الناس تجاه الإسلام قد جعلت حتى  من كرّس حياته للإسلام يمتلك تصورأً غير مترابط عنها.

عندما تفكر في (الديمقراطية) ما هو أول ما يخطر على ذهنك؟ الحرية؟ العدالة؟ السلام؟ اجتماع الرأي؟ .

نعم هذا صحيح بالنسبة لبعض الديمقراطيات فقط وليس للجميع. وعلى الجانب الآخر  عندما تفكر في الشريعة ما هو المشهد الذي يخطر إلى ذهنك؟ الحرية؟ المساواة؟ العدالة؟ ربما تخطر هذه المصطلحات إلى تفكير قلة من المسلمين، لأن الأفكار السلبية حول الشريعة قد ترسخت في عقول الناس بشكل لا إدراكي. فمنذ العصور الوسطى أصبح الإسلام تحت تأثير الأحكام السلبية في الغرب، كما أن الحملات الإعلامية  المناهضة للإسلام قد جعلت الأمور أسوء من ذي قبل، إلى حدّ أن أن أصبح بعص المصطلحات الإسلامية مثلُ "الشريعة" يثير بعض الصور السلبية في أذهان الناس عندما سماعهم لها. فعندما يفكر أحدهم في الشريعة فهو يرى صورة للكره والاستغلال الجنسي والعنف وغيرها من الأعمال اللا إنسانية الّتي هي بالأساس  محرمة في الإسلام. ومع الأسف هذه الصور الخاطئة تعيق الفرد عن التفكير الناقد وتقدير كل ما يتعلق بالشريعة.

 

5-العنصرية

إن الغرائز الداخلية تؤثر بشكل قوي على كيفية تقدرينا للأدلة وعرضنا للحقائق. ففهم الشريعة قد يكون معقّداً بطريقة ما، خاصة لمن لديهم مخاوف تجاه الإسلام. وحتى في بعض الأحيان فإن الأدلة القاطعة والإحصائيات العلمية لا تكون كافية لمحو تلك العنصرية.

وفي ضوء ذلك فان  قلوب البعض  مريضة، وبالتالي لن يعيروا اهتماماً لكل نقاشاتك حول حقيقة أن الشريعة هي أفضل بديل للأنظمة الوضعية التي ثبت فشلها بدايةً من الأنظمة الاقتصادية وقوانين الأحوال المدنية وغيرها. فأصحاب النفوس المريضة قد اعتادوا على سماع الادعاءات الباطلة بحق الإسلام والتي تدّعي أن الشريعة غير مدنية وغير صالح كل زمان ومكان. بل إنهم يفضلون التركيز على العقوبات في الإسلام (مثل عقوبة الإعدام والرجم...) بدون النظر بعين فاصحة وعقل منير متفتح حول جوانبها الإيجابية.

وهذه الحالة تتأثر بما يعرف بالتأكيد الاحترازي، وهي ظاهرة تشير إلى تقبل الفرد للمعلومات الّتي تتماشى مع مفاهيمه المسبقة على الّتي تتعارض معها. ولذك فبدلاً من محاولة فهم فوائد تطبيق القانون الشرعي فهم يفضلون السعي خلف الحقائق المفبركة الّتي تتماشى مع أهوائهم. فلا عجب إذاً من أنهم يركزون على الدول أو الجماعات الناشئة  الّتي ترتكب بعض الجرائم باسم الإسلام، والتي هي في الحقيقة إما بعيدة عن الإسلام أو فاهمة للإسلام بشكل خاطئ.

 

6-التصور الناقص

صحيح أن بعض الناس مهتمون بمعرفة الشريعة ومستعدون لتصحيح بعض المفاهيم الخاطئة حولها إلا أن فحصهم الجزئي للشريعة يقف دائماً في طريق تحقيق الهدف المنشود، لأنهم لا ينظرون أبدًا إليها نظرةً شاملةً، فهم ينظرون دائما إلى جانب واحد منها ويتخلون عن لبجوانب الأخرى؛ فعلى سبيل المثال: يحاولون التساؤل عن قانون الميراث الإسلامي الذي يبدو وكأنه يفضل الجنس الذكري، ولكنهم لا يفكرون أبدًا في أن  الرجال ملزم أيضاً بإعالة قريباتهم من الإناث، ممّا يدل على أن النساء هن الأكثر استفادة في قانون الميراث الشرعي على المدى الطويل. و في الوقت نفسه عندما ينظرون ويتكلمون حول صرامة بعض قوانين العقوبات الشرعية ينسون آلية تقييم الشريعة الذي يقلل الجرائم إلى أدنى حد وكيف أن العقوبات هي للتكفير عن الذنوب.

 

ختاماً

بشكل قاطع ، يمكن القول إن المفاهيم الخاطئة حول الشريعة متعددة الأبعاد،فهيلا تنبع  فقط من وسائل الإعلام أو من غير المسلمين؛ ولكن الحقيقة المرة أن أخطاء وتصرفات بعض المسلمين تضرّ الإسلام أكثر مما تنفعها، وبالتالي يجب أن يكون المسلمون حذرين في كيفية تصورهم للشريعة وكيفية تقديمها للعالَم، كما يجب عدم الخوض في تطبيق قانون القانون الإسلامي التحدث بدون علم.

أما بالنسبة لغير المسلمين وأولئك الّذين يحاولون تعلم الشريعة فمن الضروري إفهامهم أن الشريعة الإسلامية عبارة عن مجموعة من القواعد القانونية، مِثلُها مثل الأنظمة القانونية الأخرى الّتي تسعى إلى تعزيز العدالة والرفاهية؛وأن الشريعة أبعد بكثير من الإعدام أو بتر الأعضاء كما يتوهمون. فقانون العقوبات في الإسلام أرحم بكثير من نظيراتها في القوانين الوضعية: فالإسلام يمنع تعذيب المرء عند إعدامه كما يحرم استخدام كل ما هو ناريّ ضد الإنسان بينما نجد أن الدستور الأمريكي يجيز القتل بالصعق الكهربائي. إن دراسة الشريعة بعقلية منفتحة تجعل المرء يقدر رسالة الإسلام وما تقدمه للإنسانية من الفوائد التي تعود بالخير على بني البشر في حياتهم الدنيوية والأخروية.

Be the first to comment .

* * Required fields are marked