الثقافة
هل المراهقة مشكلة مستعصية؟
وفي مجال التربية يتم النظر الى المراهقين على انهم افراد يسعون نحو منفعتهم وسعادتهم الشخصية بغض النظر الى القواعد او القوانيين ، لذلك فان كثيرا من الاباء مقتنعون ان ابناءهم في هذه المرحلة لديهم مشاكل كثيرة ومن الصعب التعامل معهم.
ان مصطلح المراهقة مصطلح شائع لطالما صادفناه في دراسات علم النفس التنموي . لكن حقيقة هذا المصطلح ومدى واقعيته ومدى توافقه عند تصنيف المراحل العمرية للإنسان لم يتم التحقق منها جيدا بعد. وان "أريك اريكسون" احد علماء النفس الغربيين، قد عرفها على انها اكثر مرحلة يشهد فيها الفرد توافقا مع اقرانه ، وهي أيضا المرحلة التي يكون فيها الفرد شخصيته المستقلة وبداية ابتعاده عن عائلته.
ووفقا لهؤلاء ، فان هاتين الظاهرتين "الاستقلالية" و"التوافق مع الأقران" هما السبب في حدوث الاضطرارات المتعلقة بهذه المرحلة، وانطلاقًا من هذا الجدال فقد طرح إريكسون نظرية "تشويش الهوية" (الدور) ووفقا لهذه النطرية فان المراهق يصاب بالاكتئاب ويميل الى أساليب عادائية للمجتمع حتى يكتسب احساسه بهويته ونتيجة لذلك فالمراهق يعتقد انه بابتعاده عن عائلته ، وخروجه على عادات مجتمعه وتعاليم دينه فهو اذاً اصبح شخصا مستقلا بذاته.
ومن هذا المنطلق فانه يُنظر الى المراهق على انه شخص اناني ويتخذ قرارات غير منطقية، وفي مجال التربية يتم النظر الى المراهقين على انهم افراد يسعون نحو منفعتهم وسعادتهم الشخصية بغض النظر الى القواعد او القوانيين ، لذلك فان كثيرا من الاباء مقتنعون ان ابناءهم في هذه المرحلة لديهم مشاكل كثيرة ومن الصعب التعامل معهم.
ان المراهقة هي مسالة اجتماعية اكثر من كونها مسالة بيولوجية جسدية بمعنى ان بعض المظاهر التي تُعد مشاكل في هؤلاء المراهقين لا يمكن اعتبترها دائما امرا طبيعيا ، فعلى العكس فتلك التصرفات ناتجة عن عدة مؤثرات خارجية عرضها المجتمع لها ، على سبيل المثال اذا رجعنا الى نظرية اريكسون "تشويش الهوية" فان المراهقين لا يعرفون انفسهم ولا في أي مرحلة نمو هم فيها، هؤلاء الشباب لا يعرفون اذا ما كان يجب عليهم التصرف كالراشدين ام كالاطفال , فقد تركتهم كل من عائلاتهم أولا ثم مجتمعاتهم ثانيا في فراغ ، لذلك فبينما نجد بعض المراهقين مازلوا كالأطفال يرتبطون بآبائهم؛ نجد البعض الاخر يسارع في الابتعاد عن والديهم والاستقلال عنهم.
ووفقا للآراء الشائعة فان المراهقين هم افراد غير ناضجين تتراوح اعمرهم بين 13 الى 18 عاما ، ولذلك فان كثيرا من دول العالم يعتبرون سن 18 عاما هو سن النضج و تحمل المسؤولية وما دون ذلك السن فهو طفل . لكن هنا يظهر لنا سؤالٌ لم يتم الإجابة عليه و هو على أي معيار تم تحديد سن18 على انه سن الرشد ؟ أيضا مادمنا نعتبر المراهقين افراداً غير ناضجين او مسؤولين , فلمذا ننتظر منهم الشعور بالمسؤولية
او ان يكونوا على دراية باسباب تغير الكون؟
المراهقة من وجهة نظر الإسلام
ان الانسان من وجهة نظر الإسلام إما بالغ و إما طفل ولا يوجد مفهوم ثالث بينهما، وإن الفارق بين هاتين الفئتين العُمريتين هو فارق نفسي وجسدي في نفس الوقت وهذا يأتي تباعا للمسؤوليات. ان الشريعة الإسلامية تقضي بان الانسان يمر بمرحلتي نمو في حياته هما مرحلة الطفولة ومرحلة النضج .
وفقا للشريعة الإسلامية فان الفتاة تكون بالغة عند بدء الحيض وأما الصبيفيبلغ عند بدء الاحتلام، واذا لم تتوفر تلك الشروط فان مذهبا (الحنيفية والمالكية) قد اعتبرو دخول الفرد سن 17 الى 18 سنة هو دخوله في مرحلة البلوغ مساويا في ذلك من اتم البلوغ في سن 15 . على سبيل المثال فقد اعتبر نبينا محمد عليه الصلاة والسلام ان على الشاب المسلم أن يبلغ سن 15 حتى يُؤذن له بالجهاد. في هذا العمر فان الشاب المسلم قد بلغ من النمو الذهني والعقلي و الجسدي ما يسمح بان يطلق عليه راشدا وفي هذا السن أيضا فان العائلة و المجتمع ينتظران منه تحمل العديد من المسؤوليات.
وفي هذا جاء عن بعض الصحابة والتابعين قولهم في مراحل نمو الطفل: "لاعب ولدك سبعاً، وأدِّبه سبعاً، وراقبه سبعاً، ثم اترك حبله على غاربه". وبناء على هذا، يبدو أن سن 15 هو سن الرشد لان الذي يميز الطفل ويشكل شخصيته في تلك الأربعة عشر سنون السابقة هما اللعب والتعلم وبدخوله سن 15 فقد اصبح في مرحلة يقدر فيها على ان يتقلى النصائح وان يتم ارشاده .
وبذللك فانه عندما يتم ايقاظ حس المسئؤولية عند ذلك الشاب فانه حينها يدرك انه قد كبر وعلى أساس ذلك يبدا بالتصرف كالكبار. ووجب عليه أولا ان يتعلم مفاهيم الخير والشر.
اننا اذا ما نظرنا الى التاريخ الإسلامي سنرى ان جُل المسلمين الذين قامو بانجازات عظيمة كانو شبابا وفي سن يمكننا ان نطلق عليه سن المراهقة، فمثلا أسامة بن زيد قد كان قائدا لجيش المسلمين في سن17 ومحمد الفاتح قد فتح القسطنطينية وهو في سن19 وقد بدا البخاري في جمع صحيحه وهو في سن16 .
حالة المراهقين اليوم
في وقتنا الحالي فان الافراد الذين ندعوهم بالمراهقين يزدادون في كونهم غير مسؤولين مع مرور الوقت وما ينتظره والديهم منهم يتناقص أيضا مع مرور الوقت. ان من اهم أسباب ذلك هي مقولة "المراهقة الحديثة". وبدلا من ان يقوم الوالدان بارشاد ابنائهم فانهم يدفعونهم الى حياة خالية من المسئوليات، وباعتقداهم ان الحرية حق للجميع فان الجميع يسعى فقط نحو منفعته، ومع ذلك فان كثيرا من الشباب لا يحرك ساكنا عندما يتعلق الامر بالمسؤولية . لذلك فان الشباب الذين نضجو جسمانيا فانهم قد بقوا في مرحلة الطفولة ذهنيا؛ لذلك فالشخص الذي بلغ الثلاثين قد نري منه بعض التصرفات الطفولية.
نتيجة لذلك ، يجب تصنيف المجتمع وتقسيمه كما هو الحال في المزارع السمكية ، على الوالدين ان لا يحكموا على ابنائهم بانهم أطفال، مختبئين خلف مصطلح (المراهق). يجب أيضا ان يُشعروا أبناءهم يالمسؤولية عند بلوغم سن الرشد، ويجب خلطهم مع غيرهم من الفئات العمرية المختلفة، وقبل بلوغهم سن ال18 يجب تربيتهم على ان يكونوا افرادا قادرين على حل المشكلات مدركين أهمية العلم والمعرفة.
Be the first to comment .