Sosyal Medya

السياسة

كوارث مسابقة التضامن الإسلامي

 
بقلم: أبومعصوم مجاهد
(ترجمة: أبوبكر خميس محمد)
 
مؤخرا تم تنظيم دورة العاب التضامن الإسلامي بين الدول الأعضاء في منظمة العالم الإسلامي في دورتها الخامسة في تركيا بمدينة قونية  بين يومي 9 الى 18 أغسطس من العام الجاري 2022. ولقد شارك حوالي 4200 لاعب من 65 دولة في 24 فرع رياضيا مختلفة، لكن هذه الفروع الرياضية اهتزت لها مشاعر المسلمين بالسلب إذ بالرغم أنها تهدف لتقديم الإسلام والدعوة إليه، الا انها عرضته بطريقة لا تليق بالإسلام ذاته. ولأجل ذلك أدانها كل من علماء المسلمين بل وعموم الناس الواعين الذين يعيشون في تركيا.

 وسبب رد الفعل ذلك هو ان في هذا البرنامج الذي يدّعي  منظمونه انه من اجل الإسلام قد تم تقديم عروضٍ لا تليق بهذا الدين العظيم  وخصوصا عندما نرى أنه لم يتم الالتزام بأحد أهم المظاهر الإسلامية وهو التستر. اذ تم ارتداء ملابس لا تقبلها تعاليم الإسلام وأيضا بدا البرنامج بمفاهيم خارجة عن المفاهيم الإسلامية. ان العمل الذي يحمل اسم الاسلام ويعمل من اجله لابد ان يكون متوافقا مع  قيم الاسلام نفسه ومع المسملين معنويا وعمليا. ولقد ضاعف من حدة رد الفعل تلك ارتداء لاعببين من تركيا ملابس مخالفة لتعاليم الإسلام
.
إن الدين هو دين الله والله هو من يضع شريعته، وقد علّمها رسوله للمؤمنين  كاملة دون نقص،  فرسول الله هو الأُسوة الحسنة. إن الاسلام شامل لكل جوانب الحياة فهو في نفس الوقت أسلوب حياة والقرآن هو كتاب حياة. والدين الذي يبقي في القلوب في معزل عن الحياة الواقعية ولم يرتق الى حد تطبيقه عمليا هو دين ميت. أما الاسلام فهو دين مُنزل للأحياء لا الأموات. دينٌ لا يقبل الفجوات ولا أن يُشرك معه دين آخر. والحق أننا نصبح مشركين ومنافقين اذا اشركناه دينا آخر. ولقد اعتبر علماء المسلمين طاعة الإسلام في بعض الأمور ومخالفته في أمور أخرى شركًا. لذلك لا نستطيعُ ان نقول إن الله تعالى يحكم في أبواب الجنازات والموت والحج والزكاة و التجاره ثم لا يكن له ثمة علاقة بمسابقة رياضية تحمل اسم الإسلام يرتدي فيها اللاعبون  ملابس لا تليق بالدين والأخلاق. يجب ان يُقبل الدين كاملا وان يُطبق كاملا ايضاً. لذلك فتجهيز فعالية تحمل اسم الاسلام بعناصر تخالف تعاليمه تعني تغيير الحدود التي وضعها الله وتحريفها عن هدفها. وعندما نرغب في أن نعرف ما اذا كان شيء يعارض الإسلام أم لا فعلينا ان نرجع أولا الى القرآن الكريم ثم  النظر الى سُنة رسول الله من قول وعمل والتي تُظهر لنا كيف نعيش هذا القرآن. واالله يتوعد أولئك الذين يطبق
يقول الله في سورة البقرة الاية 85 : ﴿ ثُمَّ أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ ۚ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
 
لقد تناول القرآن الكريم في العديد من آياته ما يتعلق بطريقة الاحتشام والتستر، كما في الآية 59 في سورة الأحزاب والآية 31 في سورة النور اللتان توضحان لنا كل شيء بشكل مفصل .وعندما نيقم هذه الألعاب المقامة باسم الإسلام في ضوء تلك الآيات الكريمة نشعر حقا بالخجل. يقول الله تعالى في سورة النور الاية31: ﴿ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ﴾. تلك الاية توضح لنساء المسلمين كيف يجب عليهن ارتداء ثيابهن  وكيف يجب ان يتحجبن ويتسترنّ؛ لذلك فعلى اللاعبات الذين يشاركون في تلك الفعاليات ان يطبقوا ما تأمرُ به تلك الاية، كما يجب عليهن اذا ألا يرتدين ما لا يرتضيه الإسلام وإذا ارتيدنه  فلا يُنسب ابدا الى الإسلام؛ فارتدائهن بهذا الشكل  معصية لله ولرسوله، وضرر منسوب للإسلام بل وعموم الناس في المجتمع إذ لا يخلو من حياء وحشمة.
 
عندما ننظر الى الأقوام التي ذُكر هلاكها في القرآن الكريم ؛ سنرى أنهم اقوام قد أحلّوا ما حرّم الله وجعل كأنه أمر طبيعي لا إشكال فيه. يقول الله تعالى في سورة الأحزاب الاية59: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ .
 يمكننا  ان نفهم كيف يجب ان ترتدي نساء المسلمين ملابسهن المحتشمة من خلال سنه رسول الله من قول وعمل . فقد دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما على زوجه السيدة عائشة ورأى عندها أختها السيدة أسماء، تقول إحدى الصحابيات رواية لهذه الواقعة: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما على عائشة ، وعندها أختها أسماء ، وعليها ثياب سابغة واسعة الأكمام، فلما نظر إليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فخرج ، فقالت لها عائشة : تنحي فقد رأى منك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرا كرهه ، فتنحت فدخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألته عائشة لم قام؟ فقال : "ألم تري إلى هناتها إنه ليس للمرأة المسلمة أن يبدو منها إلا هكذا" وأخذ كُمّيه فغطى بهما ظهر كفيه حتى لم يبد من كفيه إلا أصابعه ثم نصب كفيه على صدغيه حتى لم يبد إلا وجهه
) .
 
وعن اسامه بن زيد قال: كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية كثيفة كانت مما أهدى له دحية الكلبي، فكسوتها امرأتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما لك لا تلبس القبطية ؟ فقلت: يا رسول الله كسوتها امرأتي، فقال: مُرها أن تجعل تحتها غلالة فإني أخاف أن تصف حجم عظامها. رواه أحمد. 
وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله انه قال: لعن رسول الله ﷺ المتشبهات من النساء بالرجال، والمتشبهين من الرجال بالنساء". (البخاري).
إننا نرى أن تنظيم مسابقة تحمل اسم "التضامن الإسلامي" لكن في الوقت عينه تُعرض هذه الالعاب بملابس لا يرتضيها أبدا الإسلام وهذا الموضوع قد تسبّب في ردة فعل كبيرة في تركيا. فهل لا شعورياً يُراد من ذلك الوضع أن يكون ملائماً للاسلام ومتصالحا معه مستقبلاً؟ ام انهم يريدون احياء الدين الهش الذي يريده الغرب والذي كان يتشكل في بوتقة الفتنه التي اجتاحت العالم الإسلامي في بدايات القرن الحادي  والعشرين ، لا الدين الذي ارده الله وارتضاه لخلقه.

هل الذي نعيشه اليوم من الجهل؟ أم من الخيانة ؟ فمع مرور الوقت تبتعد حياتنا عن الآيات التي تهدف الى نقل الإسلام الى واقعنا  واصلاح المجتمع، وإن مثل هذه التصرفات تخمد عند  المسلمين حِسهم وفطرتهم بأهميه التستر والحجاب.  إن الذنوب التي يرتكبها الفرد هي ذنوب بينه وبين ربه لكن الذنوب التي تفسد المجتمع ، وأصبح بها الفرد مثالا يُحتذى هي ذنوب أكبر وأخطر. ألا يأخذ المسلمون درسا مما  أصابهم؟  ألا تنير عقولنا  كل هذه المصائب والفتن التي تحدث لنا  كلما ابتعدنا عن الحدود التي وضعها الله ورسوله؟ هذا الطريق الى اين؟ كيف لمنظمة للتعاون الإسلامي أن تُحقق التعاون بين المسلمين بمثل هذه الأعمال الفاضحة التي لا ترضى دينا ولا فطرة؟ هل يكون للمسلمين وحدة بواسطة منظمة لا تبالي بالإسلام وشريعته التي تحثّ على التستر؟ إننا لا نجد ما يُقال لمنظمة تدّعي انتماءها للإسلام وهي تفصل المسلمين عن تعاليمه خاصة عندما يتم تنظيم هذه الفعاليات في وقت يسقط فيه الشهداء في غزة إثر العدوان الصهيوني عليهم  فمن الصعب أيضا حينها أن يتم اعتبار هذه المنظمة منظمة تهدف للوحدة الإسلامية وانه ليجب علينا السؤال في تلك الظروف يا امة الإسلام فاين أنت ذاهبة؟!

Be the first to comment .

* * Required fields are marked