Sosyal Medya

اقتصاد

كارثة القمح العالمية وزيف وقوعها في القارة الأفريقية

هناك بعض التكهنات التي تدعي أن مجاعة القمح التي سيشهدها العالم ستسبب في مجاعة عامة في افريقيا. إن افريقيا التي تعد أضعف مناطق العالم وتبعد عن الصراع الروسي الاوكراني بآلاف الاميال قد تعاني من المجاعة الشديدة بسببها، حتى إن رئيس الاتحاد الأفريقي قد قام بزيارة الرئيس الروسي حتى يسمح للسفن المحملة بالقمح والعالقة في الموانئ بالتحرك بحرية إلى وجهتها النهائية. لكن اللافت أنه عندما ننظر إلى الاحصائيات في هذا الجانب بصورة دقيقة سنجد أن أوروبا ستحتاج الى القمح أكثر من القارة السمراء. إن العديدين ينظرون الى القارة الأفريقية على انها أكثر المناطق فقرا وأكثرها حاجة الى المساعدات.


بوبكر أمادو سيسي
 
ترجمة أبوبكر خميس
 
سببت العمليات العسكرية الروسية الأخير في أوكرانيا في دق نواميس الخطر لحدوث ازمة اقتصادية عالمية، ولم يتوقع أحد من الطرفين او من الذين يلعبون دورا في تلك الحرب حدوث ذلك. ان كون روسيا وأوكرانيا من اهم الدول التي تنتج القمح لمما يزيد من حدة الازمة الغذائية وتعرض الملاين من الناس لخطر المجاعة. ووفقاً للاعلام والقادة الغربيين فان الدول الافريقة هي اكثر الدول عرضة لخطر تلك المجاعة. وفي ظل تلك الفوضى العارمة في القارة السمراء فعلى المجتمع الدولي ان يجد حلا ويتخذ الخطوات اللازمة.
 
من الذي ينتج القمح ؟ ومن الذي يستهلكه؟

تعتبر الحرب الروسية الأوكرانية موضع جدالٍ بين الكثيرين ولكلٍ وجة نظره الخاصة. لقد أصبحت روسيا الآن تتحكم في صادرات القمح على أرضها بل وعلى الأراضي الأوكرانية أيضا. وان القمح هو ثاني اكثر المحاصيل التي يتم انتاجها  عالميا بعد الذره. والصين هي الدولة الأولى عالميا في انتاج القمح فلقد انتجدت فقط بين عامي 2021 و2022 اكثر من 136 مليون طن من القمح . وتنتج الصين والهند (108 مليون طن ) وروسيا (85 مليون طن) حوالي 41 % من الإنتاج العالمي للقمح. واذا اعتبرنا أوروبا كدولة واحدة بما في ذلك أوكرانيا فلقد تم إنتاج 138 مليون طن من القمح حيث  انتجت أوكرانيا وحدها   47,50 مليون طن في العام نفسه بما يعادل 30% من انتاج أوروبا للقمح.

ومن حيث الاستهلاك؛ فالصين تأتي على مقدمه ترتيب الدول باستهلاكها نحو اكثر من 148 مليون  طنا عام 2021-2022 . أما أوروبا فقد استهلكت 108 مليون طن في نفس الفترة. وتحتل الهند المركز الثالث باستهلكها 104 مليون طن، وروسيا في المركز الرابع بنحو 42 مليون طنا . لذلك فيجب الإشارة الى ان أوروبا بدون اوكرانيا تعني أنها ستعاني من عجز شديد في توريد القمح. حيث الانتاج 91 مليون طن بينما الاستهلاك 108 طن. وعلاوة الى ذلك؛ فان القمح يتم استهلاكه في العديد من دول العالم كمادة أساسية للغذاء؛ فمثلا يتم استهلاك مليارات من الخبز يوميا، وافريقيا في ذلك ليست استثناءً.

واضافة لذلك فان استهلاك القمح يتربط بعوامل مختلفة ولذلك فان معدل الاستهلاك يختلف من دولة الى أخرى. ولكي نضرب مثالاً فان  "المعكرونة" المصنوعة من القمح يتم استهلاكها بشكل منتشر في الصين أكثر دول العالم ازدحاما. اما في الشرق الأوسط وافريقيا  وكوريا الشمالية  فان المعكرونة والخبز اقل شعبية.  اما الاسباجيتي فهي منتشرة اكثر في إيطاليا ثم تركيا وبعض دول أوروبا التي تستهلك الخبز اكثر . وتحتل مصر (21 مليون طن ) والجزائر(11 مليون)  والمغرب (10 مليون) بالترتيب  اكثر الدول الافريقية استهلاكا للقمح. وان تعداد تلك الدول مجتمعة هو 200 مليون نسمه أي 15% من تعداد سكان افريقيا. اما بلاد افريقيا التي في تقع الصحراء السفلى فان استهلاكها للقمح اقل من هذه الدول الثلاثة.
 
لماذا يزجون بأفريقيا في أزمة القمح العالمية؟

 هناك بعض التكهنات التي تدعي أن مجاعة القمح التي سيشهدها العالم ستسبب في مجاعة عامة في افريقيا. إن افريقيا التي تعد أضعف مناطق العالم وتبعد عن الصراع الروسي الاوكراني بآلاف الاميال قد تعاني من المجاعة الشديدة بسببها، حتى إن رئيس الاتحاد الأفريقي قد قام بزيارة الرئيس الروسي حتى يسمح للسفن المحملة بالقمح والعالقة في الموانئ بالتحرك بحرية إلى وجهتها النهائية. لكن اللافت أنه عندما ننظر إلى الاحصائيات في هذا الجانب بصورة دقيقة سنجد أن أوروبا ستحتاج الى القمح أكثر من القارة السمراء. إن العديدين ينظرون الى القارة الأفريقية على انها أكثر المناطق فقرا وأكثرها حاجة الى المساعدات.

انهم لا يطلبون من افريقيا أن تقف مشاهدة للصراع الروسي الأوكراني بل يتم اجبارها على ان تتبنى وجهة نظر أحد اطراف الصراع ويتم استغلالها لحساب منفعة غيرها. لكن الحقيقة تثبت أن أوروبا ستتأثر أكثر بأزمة القمح من افريقيا.

 وفي ذلك الاطار فقد تم توقيع اتفاقية بين دولتين في شهري أيلول واغسطس تنص على ان اول ثماني سفن من القمح  تذهب الى المملكة المتحدة ولبنان وكوريا الجنوبية وتركيا و لكن بالطبع - كما هو متوقع- فلن تذهب إلى افريقيا . سيُفهم بسهولة مع مرور الزمن أن المساعدات الانساية ما هي إلا حجة لإبقاء افريقيا في احتياج مستمر. إن افريقيا تملك 60% من الأراضي الغنية بالعالم، لذلك فلا يمكن تصديق أن صراعا يبعدُ عنها آلاف الاميال أن يسبب لها المجاعة. ولكن بالطبع لا يجب إلقاء كل التهم على القوى الغربية... فقادة افريقيا أيضا هم سبب في فقرها . ويبدو ان هؤلاء الزعماء يخشون على رفاهية أسياهم الاستعماريين اكثر من أنفسهم بل ومن هؤلاء السادة.

انه لا يمكن إنكار أن افريقيا هي صاحبة اقل مستويات معيشية في العالم؛ والسبب في ذلك هو الإدارة الفاشلة والسياسات الخاطئة. ويجب ان نتذكر أن معظم السياسات التي يتم اتباعها في بلدان القارة الأفريقية تم تصميمها بمساعدة أو بتدخل من الدول الأجنبية والمؤسسات الدولية  لتحقيق منفعتهم الخاصة. نتيجة لذلك، فإذا فشلت كل تلك القرارات السياسة فإن تلك السلسلة المصممة ستصعف بأكملها، ويجب ان ندقق في فعالية وحتى في نوايا المساعدات الخارجية لأفريقيا. وإن إقامة علاقات صادقة ومربحة بين الجانبين هو الذي سينهي مشكلات تلك المنطقة. ويجب أن يلعب الأفارقة الدور الأكبر في ذلك، يجب عليهم أيضا اختيار الطريق التي سيسلكونها بأنفسهم وأن يستغلوا حقوقهم من اجل تحقيق منفعتهم.
 
وبالتالي
إننا على يقين إذا بأن الإعلام والزعماء الغربيين بل وحتى قادة الدول الأفريقية قد قللوا من شأن القارة السمراء، بالطبع فإن للغذاء دورًا كبيرًا في قيام حياة الانسان وبقائها، وقد كافحت بعض المناطق في أفريقيا لتحقيق الامن الغذائي، لكن يجب علينا أن نتذكر أن الازمة الغذائية التي سيشهدها العالم هي أزمة تهم كل البشر وليس القارة الأفريقية فقط؛ لذلك يجب على الأفارقة أن يأخذوا احتياطاتهم. إن عدم الاستقرار الاقتصادي الذي تسببه العمليات الروسية العسكرية في أوكرانيا  هي حقيقة لا يمكن انكارها، ولا يجب إقحام دول  مثل الدول الأفريقية في نزاع لا علاقة لهم به، و يا للأسف فان العديد من القوى تحاول جلب افريقيا الى صفها مستغلة الازمة الغذائية.

Be the first to comment .

* * Required fields are marked