Sosyal Medya

السياسة

كيف تم انفصال باكستان عن الهند وما أبرز المشكلات المترتبة؟

ومع أن قيام دولة باكستان عام 1947 يعد نقطة تحول فارقة تاريخيا إلا أن المنطقة قد شهدت العديد من المشكلات بعد ذلك. فذلك الحدث قد نتج عنه إراقة كثير من الدماء بين الجماعات العرقية والنزوح الجماعي المستمر حتى يومنا هذا. وقد اجبر الانقسام الملايين من الناس الى العيش على الحدود التابعة للطرف الآخر. ويعتبر ذلك النزوح هو اكبر نزوح جماعي شهده التاريخ ولقد تسبب في تحويل ملايين من البشر الى لاجئين.

 

لقد انقسمت شبه القارة الهند الى منطقتين هما الهند وباكستان. وتعتبر هذه الحادثه أهم واقعة مرت على بلاد جنوب آسيا في تاريخها الحديث. ففي يومي 14 و15 أغسطس من عام 1947 أعلنت الإمبراطورية البريطانية انفصالهما، وقد سبق ذلك في يوم 2 من يونيو 1947، إعلان آخر حاكم عام للمستعمرة الأدميرال اللورد "لويس مونتباتن" قبول إنجلترا لتقسيم شبه القارة الهندية على أسس دينية. وبناء على تلك الأسس تم إعطاء المسلمين الاراضي التي تضم اغلبية مسلمة مثل باكستان الغربية "باكستان الحالية" وباكستان الشرقية "بنجلادش حاليا"، أما الهندوس فقد تم منحهم الأراضي التي تضم أغلبية هندوسية. وقد وافق أيضا كلا الطرفين على المداومة في عصبة الأمم المتحدة، لكن قادة باكستان المسلمين على عكس الهندوس، رفضوا إبقاء اللورد لويس مونتباتن كحاكم عام للبلاد، وبذلك كان هو اخر حاكم لباكستان تابع لإنجلترا.
 
أحداث ما بعد الانفصال

يعتبر انفصال شبه الجزيرة الهندية الى باكستان والهند أكبر حدث صادم عاشته المنطقة في تاريخها الحديث. ولقد أدت تلك المأساة إلى قتل الملايين وجعل المهاجرين الفارين عالقين في المنطق الحدودية، وتعتبر هذه الهجرة هي أكبر هجرة جماعية شهدها التاريخ وكانت فترة حرجة عاشتها الدولتين. ولقد أدى ذلك الانقسام الى حدوث منازعات على حق الأرض والمياه مما نتج عنه مقتل مليون انسان من المسلمين والهندوس.
 
من السيطرة الإسلامية إلى الاحتلال البريطاني

بدأت الفتوحات الإسلامية في الهند في القرن الحادي عشر الميلادي، ولقد بدأ دخول المسلمين منطقة "لاهور" عام 1021م، وفي عام 1192 استطاع المسلمون الأتراك الذين كانوا يتمركزون في المنطقة  التي تُعرف حاليا باسم "أفغانستان" بالإطاحة بملوك الهندوس في "دلهي". ولم يكتفوا بإقامة حضارة هندية إسلامية بل أزالوا  اللغات الهندية المحلية والتي كانت مشتقة من اللغة السنسيكريتية وطوروا  خلال قرون لغة "الأردو" والتي جمعت بين اللغة العربية والتركية والفارسية. وبذلك حكم المسملون شبه القارة الهندية وعاش الجميع تحت حكمهم؛ المسلمون وغير المسلمين في سلام لقرون عديدة.

في الوقت الذي جاء فيه المستعمر الإنجليزي الى شبه القارة الهندية بدأت صراعات مذهبية عنيفة في المنطقة. وكانت تلك المذابح الجماعية حوادث غير متوقعة ولم يُسمع عنها من قبل. وللأسف فإن نزاعاتٍ وانقساماتٍ جديدة زادت من  لهيب تلك الاضطرابات. وكانت تلك الاضطرابات أشد حدة في المناطق الحدودية بين باكستان الغربية وباكستان الشرقية خاصة في البنجاب والبنغال. ففي تلك المنطقتين حدث الكثير من الابادات الجماعية والحرائق والاختطاف والقتل.

بعد الحرب العالمية الثانية كانت إنجلترا تفتقر الى الموارد اللازمة لابقاء سيطرتها على شبه القارة الهندية والتي كانت أهم مستعمرة لديها. لذلك ارادت وبشكل عاجل أن تتحصل على تلك الموارد من شبه القارة الهندية. ومهما حاولت إنجلترا أن تخفي آثار الظلم الذي أقامته  هناك فان الدمار الذي خلفته  اثناء خروجها يكشف كل شيء.
لقد فتحت الحرب العالمية الثانية الطريق لحركات الاستقلال واثناء ذلك حارب الهندوس والمسلمون بعضهم البعض. وفي تلك الاثناء خرج الإنجليز من غير أن يطلقوا رصاصة واحدة. ومن هنا جاء اسم "مونباين" والذي يشير الى الشخص الذي كان يتجاهل الخلافات بين المجتمعات وأزمات المهاجرين من اجل ان يُعجِل الانقسامات و تكوين  دول جديدة .

ان الطوائف التي نراها اليوم بين الهندوس والمسلمين قد بدات بالظهور في مطلع القرن العشرين. لكن مع  منتصف القرن العشرين أصبحت الخلافات حادة جداً حتى ليُظن انه لا يمكن لكل تلك الطوائف والمذاهب ان تعيش منسجمة في وئام؛ ففي تلك الفترة قام المسلمون بانشاء "الرابطة الإسلامية"  عام 1906 بعد ما رأوا ان النفوذ والسلطة في ظل الحكم الإنجليزي تركز في يد الهندوس. وبعد رحيل غاندي عن الكونجرس  تولى مكانه  "جناح" والذي كان رئيس الرابطة. بعد ذلك تولى رئاسة الرابطة الفيلسوف والشاعر د.محمد إقبال  والذي دعى في احدى خطبه  عام 1930  الى إقامة دولة إسلامية ذات سيادة في شبه القارة الهندية.

ومع أن قيام دولة باكستان عام 1947 يعد نقطة تحول فارقة تاريخيا  إلا أن المنطقة  قد شهدت العديد من المشكلات بعد ذلك. فذلك الحدث قد نتج عنه إراقة كثير من الدماء بين الجماعات العرقية والنزوح الجماعي المستمر حتى يومنا هذا. وقد اجبر الانقسام الملايين من الناس الى العيش على الحدود التابعة للطرف الآخر. ويعتبر ذلك النزوح هو اكبر نزوح جماعي شهده التاريخ ولقد تسبب في تحويل ملايين من البشر الى لاجئين.
 
قضية كشمير

بعد سنوات من الانفصال أشعلت قضية كشمير الخلافات بين جمهوريتين متجاورتين. وما زاد من صعوبة قضية كشمير هي القيادة الباكستانية الجديدة التي كانت تفتقر الى الخبرة. إن قسما من  منطقة كشمير تحت حكم باكستان والقسم الآخر تحت سلطة الهند. وكِلا الدولتين تدعي أحقيتها في كشمير كلها. ومن الواضح أن تلك المسألة المستعصية  ستسمر في المستقبل.

لقد تم منح "الولايات الأميرية في الهند" التي لم تكن خاضعة لحكم إنجلترا المباشر أثناء فترة الاستعمار حق اختيار الدولة التي ترغب في الانضمام اليها، ولقد أصبحت كشمير نقطة محورية في الصراع خاصة بعض رفض حُكامها الانضمام الى أي من الدولتين.
لكن حاكم كشمير المهراجا "السير هاري سينج"  قد سلم أراضي تواجد  المسلمين الى الهند التي تعهدت بحمايته. بعد تلك الواقعة أصبحت قضية كشمير مسألة  مستمرة و يصعب حلها بين الهند وباكستان. وقد أصبحت اهم قصايا النزاع بين دولتين يعتبر كل منهما الآخر عدواً لسنين طويلة، وبسببها أيضا حدثت الابادات الجماعية في كل من الدولتين.
وبالتالي يمكننا أن نقر بأن انقسام الهند وباكستان قد تسبب في مشكلات عديدة يصعب حلها وان احد تلك المشكلات هي - بالطبع - قضية كشمير.
 
 

Be the first to comment .

* * Required fields are marked