Sosyal Medya

الثقافة

العمارة الإسلامية في القاهرة

ترجمة أمينة قاسم
عرفت مصر قبل إنشاء القاهرة ثلاثة عواصم؛ هذه العواصم هي الفسطاط والعسكر والقطائع، وبعد أن غزت الدولة الفاطمية العبيدية مصر، بنى قائد جيش الفاطميين جوهر الصقلي حصن القاهرة ومع ذلك لم تشكل القاهرة في هذا الوقت سوى بلدة لتجمع الحركة الباطنية.
 
 وقد شيد جوهر الصقلي حصن القاهرة بالطوب اللبن والمواد الخشبية، وكان الجامع الكبير  آنذاك متواجدا خارج أسوار المدينة، وفي العصر الثاني  للدولة الفاطمية (الشيعية )  قام الوزير الارمني بدر الدين الجمالي بهدم الأسوار القديمة للقاهرة، وبناء سور جديد  مكون من الطوب الأحمر فكانت أسوار  الجدران الجديدة أوسع من أسوار  الجدران القديمة، فتحولت بعد هذا التوسع من الشكل المربع الذي بناه جوهر الصقلي  الى المستطيل، وضم الخليفة الحاكم الفاطمي الجامع الكبير إلى القاهرة.

خصائص النمو العمراني لمدينة القاهرة في عهد الدولة العبيدية الفاطمية:
-أسست على شكل مربع ومستطيل
- بقيت القطائع في الشمال الشرقي العاصمة القديمة للدولة الطولونية
-وجود  طريق رئيسي يمر من وسط القاهرة 
- تم بناء القصر الشرقي الكبير والقصر الغربي الصغير على جانبي الطريق الرئيسي وقد خصص من أجل الخلفاء الباطنيين
-في عهد الدولة الفاطمية لم يتم تخصيص قلاع للخلفاء انما خصص عوض عنها قصور.
- في عهد العبيديين الفاطميين كان الجامع الكبير يطلق عليه اسم  الجامع الأزهر، ويعتبرالجامع الأزهر من أهم الجوامع الموجودة في القاهرة لما له من دور في التعليم  فقد كان يشكل  بالنسبة لهم  مركزا دينيا وعلميا هاما. 
-في عهد الدولة العبيدية الفاطمية تم بناء أربعة أحياء؛ الأول هو حي  برجوان والذي أُطلق نسبة لأغنى شخص بعد الخليفة الفاطمي برجوان، الثاني حي المسيحية الرومانية، والثالث حي السقايين، والرابع حي الأرمن
- أما نهر النيل فلم يكن يمر عبر القاهرة القاديمة آنذاك
- في عهدهم أيضا تم بناء ثمانية أبواب كبيرة في داخل القاهرة، وهي:
1 - في الشمال باب النصر وباب الفتوح
2- في الجنوب باب زويلة والفرج
3- في الشرق باب برقية والقراتي
4 -باب السعادة والقنطرة 
يوجد حاليا ثلاث بوابات متبقية منها، على الجانب الشمالي يوجد باب النصر وباب الفتح ،وفي الجنوب باب زويلة الكبير.
في أثناء هذه الفترة لم يكن المصريون يعيشون داخل القاهرة  بالرغم من أن المصريون كانوا يعيشون في القاهرة منذ أيام صلاح الدين الأيوبي، لا أنه كان يسمح لهم بالدخول بعد الظهر، ومن ثم مغادرتها بعد أذان العشاء، وسبب ذلك يعود إلى أن القاهرة لم تعد مدينة عادية إنما أصبحت مركزا دينيا سياسيا وشيعيا مخصصا للباطنيين، بالاضافة الى انتماء أهل مصر للطائفة السنية الشافعية والمالكية المذهب، وأيضا لأن المصريين تمردوا على الفاطميين واستمرت الصراعات فيما  بينهم فترات طويلة جدا، لذلك كانت  الدولة الفاطمية تخاف منهم ولمعرفة المزيد عن هذا الموضوع نتستطيع الاطلاع على تاريخ ابن كثير فهو يعطينا معلومات مهمة جدا  بالاضافة لكتاب "الخطط" للمقريزي، وكتاب "حقائق الباطنية".
النمو العمراني لمدينة القاهرة في عهد الدولة الايوبية
النمو العمراني لمدينة القاهرة في عهد صلاح الدين الأيوبي:
لقد كانت القاهرة في عهد الدولة الفاطمية مدينة صغيرة ومساحة أسوارها ضيقة، فكان المصريون يعيشون في مدينة الفسطاط، لكن قُرب انتهاء العصر الفاطمي أحرقَ الوزيرُ الفاطمي شاور المدينة فاضطر أهل الفسطاط للفرار إلى وسط القاهرة، وعند وصولهم لأبواب القاهرة تعرض المصريون للضرب علي أيدي الصليبيين والباطنييين، مما دفع أسد الدين شيركوه وصلاح الدين الايوبي للتدخل والتخلص من الصليبيين وقتل شاور، وفي هذه الأثناء توفي أسد الدين شيركوه، فعين الخليفة الفاطمي العاضد صلاح الدين الأيوبي كرئيس، وقام صلاح الدين في عام 563-567/ هجري 1167-1171 ميلادي بإنهاء الوجود الباطني وانتهت بذالك الدولة الفاطمية
 بعد هذه الأحداث تحولت  القاهرة من عاصمة صغيرة إلى عاصمة كبيرة، ومابين عامي 571- 579 هجري/1175-1183 م استطاع صلاح الدين توحيد جميع المدن وجعل عاصمتها  الوحيدة القاهرة، فاستقرالمصرييون فيها، ثم  مالبث أن شرع صلاح الدين ببناء قلعة خارج القاهرة وبنى حولها اسوار طويلة وعالية، وأدخل فرعا من نهر النيل إلى القاهرة، بالإضافة إلى أنه بنى فوق قبر الإمام الشافعي  قبة مقطعة من مواد خشبية على طراز العمارة التي كانت في سمرقند وبنى بجانب المشهد الحسيني مدرسة الامام الحسين.
أكملَ ابن أخيه الملك كامل الأيوبي في عام 615-636 هجري 1218-1237ميلادي قلعة صلاح الدين الايوبي، أما في عهد صلاح نجم الدين أيوب عام  636-646هجري 1238-1248 ميلادي فقد قام ببناء المدرسة الصالحية، وقبرالصالح نجم الدين أيوب على طريق القاهرة الرئيسي "شارع المعز"، وتعتبر المدرسة الصالحية أول مدرسة في مصر تشمل 4 إيوانات وفناء مزدوج .
النمو العمراني لمدينة القاهرة في  العصرالمملوكي
عمران القاهرة في عهد المماليك (648-792 / 1250-م1389)
 في عهد الدولة المملوكية البحرية بنى السلطان بيبرس، أول مسجد كبير في القاهرة  في حي الظاهر، وذالك بعد انهيار الدولة العبيدية، كما بنى بيبرس مدرسته على الطريق الرئيسي للقاهرة حيث  تم بناءها بأربعة إيوانات ونظام فناء واحد، وقد كان المصريون يعيشون غرب القاهرة بسبب أوامر بيبرس الذي وعدهم بأنهم إن سكنوا هناك لن تحدث لهم الدولة المملوكية أية مشاكل إنما على عكس ذالك سوف تساعدهم في البناء والاستقرار فيها ، فبنى المصريون الكثير من المباني غرب القاهرة، حيث  يعتبر  حي الحسينية مزدحما منذ أيام بيبرس .
وفي عهد المنصور قلاوون "هـ 678-689 / م 1279-1290".
تم إنشاء أول كلية للمماليك على الطريق الرئيسي للقاهرة، وفي عام 696 / م 1296أنشأ السلطان الناصر محمد بن قلاوون المدرسة الناصرية على الطريق المركزي للقاهرة وذلك من أجل تعليم المذاهب السنية الأربعة وخلال الفترة الثالثة من حكمة مابين "H.709-741 / M.1310-1340". قام ببناء جسر يدعى سور مجرى العيون  كانت المياه تصل إلى أسوار قلعة صلاح الدين من خلال هذا السورالمائي.
 
العمران المملوكي الشركسي  في القاهرة
بنى السلطان الظاهر برقوق مدرسة وخانقاه للصوفية على طريق ممر القاهرة، حيث يوجد نوعان من هذا النمط ، وقد بنى مدرسة وخانقاه في آن واحد. ومن ناحية أخرى تم بناء المزيد من المباني التجارية في عهد السلطان السلطان الأشرف برسباي “H.825-841 / 1422-1438” و السلطان الأشرف قايتباي“H.872-901 / M.1468-1496”  فَبُنِي  الخانات والاسواق المغلقة، والوكالة (وهو مبنى لإقامة الوافدين من التجار من أجل التسهيل على تجارتهم تم إنشاء طرق جديدة في داخل وخارج القاهرة، وتم بناء العديد من المباني الدينية والتجارية والمدنية والعسكرية، وأماكن لدفن الموتى في صحراء المماليك.
 
عمران  القاهرة في نهاية العهد المملوكي الشركسي
في أثناء عهد السلطان الأشرف قانصوه الغوري (906-922 / 1501-1516) تم توسعة وتمديد طريق القاهرة الرئيسي "القصبة" أو "شارع المعز" وإنشاء حي الغوري في منطقة الغورية بالقرب من الجامع الأزهر، بالاضافة إلى أن السلطان قانصواه الغولي بنى فيها كلية الغوري، وتعتبر هذه الكلية من الكليات النادرة التي تتحوي على نظام مختلف في مصر وذلك لأن نظام الكليات في مصر نظام  يحتوي على مُجمّع واحد، لكن هذا البناء الذي بناه قانصوه الغوري لم يتم بناءه في منطقة واحدة إنما بناه في عدة مناطق كل منطقة لها مبنى منفصل، الجزء الاول هو منطقة المدرسة وفي هذه المنطقة توجد مدرسة وسوق مغطى وطاحونة، وفي القسم الثاني ضريح وخانقاه وبيت السلطان وسبيل مياه ومدرسة. والقسم الثالث  يحتوي النُّزل/الوكالة.
وفي أثناء الاحتلال البريطاني لمصر تم تدمير ممر السبات "الممر الخشبي المعلق النسائي"، الذي يربط الواجهة الشرقية الرئيسية للمدرسة بقبر قنصوه الغوري ، ولكن أعيد بناؤه مرة أخرى في عهد الخديوي عباس حلمي الثاني عام "1893-1914".
أما عهد طومان باي آخر سلطان المماليك الشركس ، "H.922-923 / M.1516-1517"، فلم يتغير عمران  القاهرة المملوكية  إلا قليلاً.
لقد حارب السلطان طومان باي ضد السلطان العثماني سليم الأول؛  لذلك ، قبل وصول الجيش العثماني إلى القاهرة  قام السلطان طومان باي بحفر خندق كبير في شمال القاهرة، لكن  بعد حرب الريدانية وواردان، سيبدأ عمران مختلف تماما في عمران القاهرة العثمانية.
 هناك فروق بين طراز العمران في القاهرة العثمانية، والقاهرة المملوكية. وذلك لأن الدولة العثمانية أقامت القاهرة العثمانية في مكان مختلف وبعيد عن  أسوار القاهرة المملوكية، وذلك موضوع سنتناوله لاحقا إن شاء الله.
 

Be the first to comment .

* * Required fields are marked