Sosyal Medya

السياسة

عام على الحرب الروسية الاكرانية

بإعلان الرئيس الروسي ( فلاديمير بوتن) حالة التأهب  للحرب في الساعة الرابعة صباحاً من يوم 24 فبراير 2022 بدأ اسوء عدوان شهدته أوروبا  منذ الحرب العاليمة الثانية. وفي خطابه أعاد التهديدات التي كان يلقيها خلال السنوات الماضية مُعلناً أخيراً عن عملياته العسكرية ضد جارته أكرانيا حتى يمحو أي تهديد ممكن. وفي الساعة الخامسة صباحاً أي بعد ساعة من خطاب (بوتن) تم قزف مطار كييف بالصواريخ وتبعه الغزو البري والبحري للأراضي الاكرانية.

 وقبل ثلاثة أيام من الحرب اجتمع (بوتن) في الكريملين مع كل الوزراء ليتخذ قرارا حاسماً  فيما يخص منطقتي  لوهانسك ودونيتسكوهذه المناطق اعترف بهما (بوتن) كجمهوريتين مستقلتين  قبل 8 سنوات. ووفقاً لروسيا فإن سكان هذه المناطق قد طلبوا يد العون من روسيا لتخليصهم من السلطة الاكرانية عليهم. إن روسيا  قد استخدمت هذه الحيلة مرات عديدة مثلما هاجمت جورجيا مُستَنِدةً الى نفس الحجة في 7 أغسطس 2008  حيث اتهمت السلطات الروسية جورجيا باتهاضها للشعب الاوسيتي في  الجنوب. وعلى ذلك فقد أعلنت روسيا الحرب و انتهت باحتلال أوسيتيا الجنوبية.

وقد استخدمت روسيا تلك الحجة مرة ثانية في حربها مع اكرانيا حيث اتهمت أكرانيا  بالاتهاض العرقي للاوكرانيين الذين هم من اصل روسي و يعيشون على اراضيها. وقفقا لإدعآت (بوتن)  منذ بداية الحرب فإن ما قام به  ليس حرباً ولكن فقط عملية خاصة. وقد أدعى أيضاً ان الشعب الاكراني نفسه يقف الى جانب روسيا وسيرحب يالقوات الروسية , اما حكومة فلاديمير زيلينسكي فستفر من البلاد و ستكون اكرانيا تحت السيطرة الروسية  الكاملة  خلال اسبوع واحد. ولكن منذ بداية الحرب صار كل شيء يسير ضد (بوتن) فالشعب الاكراني دعم حكومته بشكل لا يوصف فعلى  سبيل المثال , اصطف المدينيون لاخذا الأسلحة ليشاركوا في الحرب ومن كان منهم من هوغير قادر على حمل السلاح تم إعطائه زجاجات المولوتوف ليشارك فب الدفاع عن بلاده. وفي غضون أيام أصبحت شوارع كييف ساحة إستعداداً للقتال.

وفي تلك الاثناء شرعت السلطات الروسية بحملة إعلامية واسعة لكسب تأييد شعبها, فنشرت في القنوات التلفيزيونة أخباراً مفادها أن الحكومة الاكرانية  وعلى رأسها الرئيس الاكراني قد فرت من البلاد. وكان الرد من الرئيس الاكراني (فولوديمير زيلينسك) أن نشر فيديو له من مكتبه على مواقع التواصل الاجتماعي قائلاً( سنقف مع الشعب الاكراني ونحمي موطننا من أعدائنا وإننا ندعوا العالم كله ليقف بجانب بلادنا). وعلى ذلك تلقت اكرانيا دعما عسكرياً ومادياً من الغرب. وبعد أن أصبح الامر جلياُ بأن اكرانيا لن تستسلم وسيتم دعمها من الغرب ,حينها دخلت الحرب في منحى جديد. وبعد بضعة أيام من الحرب توصل الطرفان الى أتفاقية لوقف اطلاق النار وتمت تللك المفواضات في تركيا وبيلاروسيا.    

مفاوضات الهدنة بين الطرفين

بعد بضعة أيام من الحرب جلس طرفي الحرب لأول مرة  في (بلاروسيا) على طاولة الحوار للتفاوض ولكنها للأسف بائت بالفشل ولكن بعد ذلك تم عقد اجتماعين آخرين في بيلاروسيا وخلال الحديث صرح ممثل الطرف الاكراني أن على روسيا أن تسحب قواتها من الأراضي الاكرانية وإلا فلا فائدة من الاتفاق و لم يتم الوصول الى حل مشترك بعد أن رفض الجانب الروسي التخلي عن الأراضي التي احتلها خلال الحرب.

و قد تم عقد الجولة الثانية من المفاوضات في يوم10 مارس بمدينة انطاليا بتركيا. وقد تم الحوار بحضور وزير الخارجية التركي(مولود شاوش أغلو) ووزيري الخارجية الاكراني والروسي. وفي هذه الجولة أيضا لم تتخلى  روسيا عن أي من غنائمها فحسب  بل وأيضاً رفضت وقف اطلاق النار لدمة 24 ساعة  اضافةً الى رفضها إنشاء ممرات عبور مدنية في المدن المحاصرة في اكرانيا.وبذلك فقد فشلت المفاوضات مرة أخرى بسبب العناد الروسي.

ولقد تم عقد مفاوضات ثانية في قصر( دولماباهشا) والتي حضرها الرئيس التركي رجب طيب اردوغان بنفسه  وقد استمرت لعدة ايام لكن أيضاً دون جدوى والسبب في ذلك أن روسيا ترفض التراجع  و استمرت الحرب بعد ذلك لكن بعد فترة انقلبت الاوضاع الروسية رأساً على عقب. فقد قامت أكرانيا  بالهجوم  وحررت المناطق المحتلة في (كييف) وعانت روسيا خسائر فادحة في الجبهة الشمالية و شهد العالم كله الاضطهاد الذي مارسته روسيا في مقاطعة (بوخا) في منطقة كييف  بقتلها النساء والأطفال والشويخ وتم القاء جسسهم في الشوارع على مرآ ومسمع من العالم. وقامت بنشرها الصحف والقنوات العالمية.

وجهت روسيا كل قواتها العسكرية الى المناطق الجنوبية والشرقية من أكرانيا  بعد  الهزيمة في كييف. والحدود هذه المرة هي المدنية الساحلية (ماريوبول). و كانت هذه المدنية ذات أهمية إستراتيجية  لروسيا و بنقل ميدان الحرب الى تلك المدينة فقد تم تدميرها في بضعة أسابيع. وفي الحقيقة فإن روسيا كانت تهدف في الأساس من خلال هذه العملية  إلى عزل أكرانيا بحرياً. وقد أقترفت روسيا مجازر في حق سكان المدنية ,التي تحوي نصف مليون نسمة, مماثلة لما فعلته في سكان مدينة (بوخا) وقد تم قزف مستشفى الولادة ومن مات من النساء الحوامل و الأطفال الصغار اصبحوا ذكرى من الماضي . ايضاً تم تفجير  مصنع ( ازوفستال)  الذي يعتبر رمزاً للحرية في المدينة  ومات العديد من الجنود وهم يدافعون عن المدينة لمدة 80 يوماً . وفي هذه الحرب استخدت روسيا أسلحة محرمة دولية مثل  القنابل الفسفورية . وفي 6 مايو 2022 سقطت المدينة ومن نجى من الأكرانيين بدأوا بإخلاء المدينة .

 لكن كل هذه الانتصارات لم تكن في صالح أكرانيا فقد قامت كل من أمريكا والدول الأوروبية بفرض عقوبات قاسية عليها إضافة إلى تقديمهم الدعم المادي والعسكري لأكرانيا , وبالرغم من ذلك فقد أستمرت روسيا في غزو الأراضي الاكرانية. و استفتاء كان على إثره أن استولت على 4 مناطق جديدة  وبذلك دخلت الحرب بعد  9 أشهر  في مسار جديد.

الوضع النهائي للحرب

اضطرت روسيا الى التخلي عن مقاطعة( خيرسون) بعد الهجمات الاكرانية  والتي قد استولت عليها بعد أستفتاء مزيف. ومنذ ذلك الحين بدأت أكرانيا باسترجاع أراضيها بشن هجمات مضادة  وهذه الانتصارات أبرزت  ضعف الجانب الروسي. وبإعلان روسيا التعبئة العامة في البلاد فقد أكدت عن نقصها الحاد في القوى العاملة للحرب ولقد سبب إعلانها التجنيد الاجباري   حالة من الزعر بين المدنيين فقام الشباب بالهرب من البلاد بتعدادات  ضخمة . والى جانب معاناة روسيا في الحرب  فهي تحتاج الى أن تثبت الى شعبها  قوتها و أن كل شيء يسير حسب الخطة. وعلى ذلك فكانت خطة روسيا هي جعل اكرانيا تعاني في البرد القارس خلال الشتاء بإستهدافها مولدات الطاقة والأراضي الزراعية. وقد كان احتفال اكرانيا بأرس السنة  2022محتلفاً عنما سبقتها  فقد تمت الاحتفالات في الظلام والبرد لكن هذه السنة 2023 سكون مختلفة لكل من الدولتين.

إن في بدايات الحرب خشيت العديد من الدول أن تقود تلك المعركة الى حرب عالمية ثالثة لذلك امتنعوا عن دعم اكرانيا , ولم يتلقى زيلينسكي أي أسلحة استراتيجية من الغرب  وما تزايد الدعم لأكرانيا في الآونة الأخيرة إلا رغبة  في إنهاء الحرب في أقرب وقت إذ لم  يتوقع أي أحد بأن تدوم الحرب كل تلك المدة ولو طالت هذه الحرب أكثر ستسقط أوروبا في وضع سيء جداً. ومع تزايد الدعم الغربي لأكرانيا فإن روسيا التي تحارب منذ أكثر من سنة بدأت في صناعة دعايا  جديدة لتلتقط أنفسها بعض الوقت. فأعلن بوتن هدنة (عيد الميلاد الأرثوذكسي) لكن بالنسبة للكريملن فإن وقف إطلاق النار سيدوم 36 ساعة حتى يوم 7 يناير . ووفقاً ل(زيلينسكي) فإن بوتن يحاول إستغلال الهدنة لكسب الوقت حتى تسترجع روسيا قوتها. وأكرانيا تستمر في الهجوم المتواصل على المنشآت العسكرية الروسية. وبهذه الاتطورات في الساعات الأخيرة يمكننا القول أنه حتى لو  أن روسيا أصبحت ضعيفة فهي أيضاً لن تقوم بخطوة الى الخلف ومع الدعم الأوروبي لأكرانيا بالأسلحة الثقيلة فإن الحرب ستدوم أكثر .    

Be the first to comment .

* * Required fields are marked